اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} وهو تعجيب لحال من ترك متابعة الهدى إلى مطاوعة الهوى، فكأنه عبده، والهمزة: للاستفهام التعجيبي داخلة على محذوف، والفاء: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أنظرت يا محمد إلى حال أسير الهوى، فرأيت من اتخذ ما تهواه نفسه الخبيثة إلهًا ومعبودًا، وترك متابعة الهدى، واختار متابعة الهوى، ففي الكلام استعارة تمثيلية، أو تشبيه بليغ حذف منه أداة التشبيه؛ أي: جعل هواه كإلهه في طاعته؛ أي: انظر يا محمد، واعجب من حال من ركب رأسه وترك الهدى وأطاع الهوى، فكأنه جعله إلهًا يعبده من دون الله، فهو لا يهوى شيئًا إلا فعله، لا يخاف ربًا ولا يخشى عقابًا، ولا يفكر في عاقبة ما يعمل، قال سعيد بن جبير: كان أحدهم يعبد الحجر، فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به، وعبد الآخر، وعن أبي رجاء العطاردي: أنه أدرك الجاهلية، وهو ثقة مات سنة خمس ومئة، وعمره مئة وعشرون سنة، قال: كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجرًا أحسن منه .. ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرًا جمعنا حَثْوةً من تراب، فحلبنا عليها، ثم طفنا بها.
وفي هذا: إيماء (١) إلى ذم اتباع هوى النفس، ومن ثم قال وهب بن منبه: إذا شككت في خير أمرين، فانظر أبعدهما من هواك فأته، وقال سهل التستري: هواك داؤك، فإن خالفته فدواؤك وقال الإشبيلي الزاهد: