للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي (١): لطريق ثابت يسلكه الناس، ويرون آثار تلك البلاد بين مكة والشام تندرس بعد، فاتعظوا بآثارهم يا قريش إذا ذهبتم إلى الشام؛ لأنها في طريقكم، والمعنى؛ أي: وإن هذه المدينة مدينة سدوم، التي أصابها ما أصابها من العذاب لطريق واضحة لا تخفى على السالكين، فآثارها باقية إلى اليوم، لم تندثر ولم تخف، فالذين يمرون عليها من الحجاز إلى الشام يشاهدون آثارها، كما قال في الآية الأخرى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٣٨)}

٧٧ - ثم أيْأَسَ من اعتبارهم بها، إذ هي لا يعبر بها إلا المؤمنون، فقال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ}؛ أي (٢): إن فيما فعلناه بقوم لوط من الهلاك والدمار وإنجائنا لوطًا وأهله {لَآيَةً}؛ أي: لدلالة جلية واضحة، وعبرة عظيمة {لِلْمُؤْمِنِينَ} المصدقين بالله ورسله، إذ هم يعرفون أن ذلك إنما كان انتقامًا من الله لأنبيائه من أولئك الجهال، الذين عصوا أمر ربهم، وكفروا برسله، ولم يرعووا عن غيهم وضلالهم، بعد إنذارهم ونصحهم.

أما الذين لا يؤمنون باللهِ فيجعلون ذلك حوادث كونية، لأسباب فلكية وشؤون أرضيةٍ، جَعلت الأرض تنهار لحدوث فراغ في بعض أجزائها، كما يشاهد اليوم في البلاد ذات البراكين من اختفاء بلاد في باطن الأرض، وابتلاع الأرض لها، كما حدث في مدينة مسينا بإيطاليا سنة ١٩٠٩، وظهور جزائر في وسط المحيطات لم تكن من قبل.

وإفراد (٣) الآية هنا بعد جمعها فيما سبق، لما أن المشاهد ها هنا بقية الآثار لا كل القصة، كما فيما سلف، وقال في "برهان القرآن": ما جاء في القرآن من الآيات فلجمع الدلائل، وما جاء من الآية فلوحدانية المدلول عليه، فلما ذكر عقيبه المؤمنين، وهم مقرون بوحدانية الله تعالى .. وحد الآية. انتهى.

وفي الآيات فائدتان:

الأولى: مدح الفراسة، وهي الإصابة في النظر.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.