فالمبالغة تكون في صفات تفيد الزيادة والنقصان، وصفات الله منزهة عن ذلك. واستحسنه الشيخ تقي الدين السبكي.
وقال الزركشي في «البرهان»: التحقيق: أن صيغة المبالغة قسمان:
أحدهما: ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل.
والثاني: بحسب زيادة المفعولات. ولا شك أن تعددها لا يوجب للفعل زيادة، إذ الفعل الواقع قد يقع على جماعة متعددين. وعلى هذا القسم تنزل صفات الله، وارتفع الإشكال. ولهذا قال بعضهم، في حكيم، معنى المبالغة فيه، تكرار حكمه بالنسبة إلى الشرائع. وقال في «الكشاف»: المبالغة في «التواب» للدلالة على كثرة من يتوب عليه من عباده، أو لأنه بليغ في قبول التوبة، ينزل صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه.
٨٢ - ثم ذكر سبحانه ما يدل على كمال قدرته، وتيسر المبدأ والإعادة عليه فقال:{إِنَّما أَمْرُهُ}؛ أي: إنما شأنه سبحانه وتعالى: {إِذا أَرادَ شَيْئًا}؛ أي: إذا تعلقت إرادته بوجود شيء من الأشياء {أَنْ يَقُولَ لَهُ}؛ أي: لذلك الشيء {كُنْ}؛ أي: احدث، واحصل {فَيَكُونُ}؛ أي: فيحدث، ويحصل من غير توقف على شيء آخر أصلًا. قرأ الجمهور:{فَيَكُونُ} بالرفع، بناءً على أنه في تقدير فهو يكون فتعطف الجملة الاسمية على الجملة الاسمية المتقدمة، وهي قوله:{إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ}. وقرأ الكسائي: بالنصب عطفًا على {يَقُولَ}.
والمعنى: أي إنما شأنه تعالى في إيجاد الأشياء، أن يقول لما يريد إيجاده: تكوّن فيتكوّن، ويحدث فورًا بلا تأخير، ولا افتقار إلى مزاولة عمل، ولا استعمال آلة.
٨٣ - وبعد أن أثبت لنفسه القدرة التامة، والسلطة العامة، نزّه نفسه عما وصفوه به، وعجّب السامعين مما قالوه. فقال: {فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)} والفاء، فيه: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا تقرر ما يوجب تنزهه تعالى وتنزيهه أكمل إيجاب من الشؤون