للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعضًا، وينظر بعضهم وجه بعض، لدوران الأسرة بهم؛ أي إنهم (١) إذا اجتمعوا وتلاقوا، ثم أرادوا الانصراف .. يدور سرير كل واحد منهم بحيث يسير راكبه مقابلا بوجهه لمن كان عنده، وقفاه إلى الجهة التي يسير لها السرير، وهذا أبلغ في الأنس والإكرام. اهـ شيخنا.

والمعنى: وأخرجنا (٢) ما في صدور هؤلاء المتقين - الذين ذكرت صفتهم - من الحقد والضغينة من بعضهم لبعض، روى القاسم عن أبي أمامة قال: يدخل أهل الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من غلٍّ، ثم قرأ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}.

٤٨ - والخلاصة: أن الله طهر قلوبهم من أن يتحاسدوا على الدرجات في الجنة، ونزع منها كل غلٍّ، وألقى فيها التواد والتحاب والتصافي، حالة كونهم {لَا يَمَسُّهُمْ}؛ أي: لا يمس المتقين ولا يصبهم {فِيهَا}؛ أي: في الجنة {نَصَبٌ}؛ أي: تعب (٣) وإعياء، لعدم وجود ما يتسبب عنه ذلك في الجنة؛ لأنها نعيم خالص، ولذة محضة، تحصل لهم بسهولة، وتوافيهم مطالبهم بلا كسب ولا جهد، بل بمجرد خطور شهوة الشيء بقلوبهم يحصل ذلك الشيء عندهم صفوًا وعفوًا، روى الشيخان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب".

{وَمَا هُمْ مِنْهَا}؛ أي: عن الجنات والعيون {بِمُخْرَجِينَ} أبد الآباد؛ لأن تمام النعمة بالخلود؛ أي: وهم خالدون فيها أبدًا لا يبرحونها، يشعرون بلذة النعيم ودوامه، فهم في خلود بلا زوال، وكمال بلا نقصان، وفوز بلا حرمان.

والخلاصة (٤): أن المسرة بالنعيم لا تتم إلا إذا توافرت فيه أمور:

١ - أن يكون مقرونًا بالتعظيم، وإلى ذلك الإشارة بقوله: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (٤٦)}.


(١) الفتوحات.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.
(٤) المراغي.