وانتقاص، أو في تفاوتهما بحسب الأمكنة في الطول والقصر {وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} من أنواع الموجودات {لَآيَاتٍ}؛ أي: لعلامات دالة على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته {لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} الله تعالى، بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات، وخص العلامات بالمتقين؛ لأن الداعي إلى التدبر والنظر إنما هو تقوى الله تعالى والحذر من العاقبة؛ أي: إن في اختلاف الليل والنهار وحدوثهما وتعاقبهما بمجيء كل منهما خلفة للآخر، وفي طولهما وقصرهما بحسب اختلاف مواقع الأرض من الشمس وما لهما من نظام دقيق، بحسب حركة الشمس اليومية والسنوية، وفي طبيعة كل منهما وما يصلح فيه من نوم وسكون، وعمل دنيوي وديني {وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} من أحوال الجماد والنبات والحيوان، ويدخل في ذلك أحوال الرعود والبروق والسحاب والأمطار وأحوال البحار، من مد وجزر، وأحوال المعادن العجيبة في تركيبها، وأوضاعها المختلفة إلى نحو ذلك.
{لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ}؛ أي: لدلائل (١) عظيمة على وجود الصانع ووحدانيته، وحكمته في الإبداع والإتقان، وفي تشريع العقائد والأحكام {لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} مخالفة سننه تعالى في التكوين، وسننه في التشريع، فلله سنن في حفظ الصحة، من خالفها مرض، وله سنن في تزكية الأنفس، من خالفها، وأفسدها بارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، جوزي على ذلك في الآخرة أشد الجزاء.
٧ - {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا}؛ أي: لا يخافون لقاءنا يوم القيامة لتكذيبهم بالبعث والمجازاة، فهم مكذبون بالثواب والعقاب، أو لا يطمعون ثوابنا؛ لأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر {وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} واختاروها بدل الآخرة، وعملوا في طلبها فهم راضون بزينة الدنيا وزخرفها {وَاطْمَأَنُّوا بِهَا}؛ أي: سكنوا ومالوا إليها مطمئنين فيها. وهذه الطمأنينة التي حصلت في قلوب الكفار، من الميل إلى الدنيا ولذاتها، أزالت عن قلوبهم الوجل والخوف، فإذا سمعوا الإنذار والتخويف لم يصل ذلك إلى قلوبهم. والمعنى؛ أي: إن الذين لا يتوقعون