للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجنة إنما هو اقتسام المنازل بحسب الأعمال.

وفي "تفسير المراغي": والمراد (١) من قوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} البشارة بالدخول فيها بعد البعث، إذا أريد الدخول بالأرواح والأبدان، فإن أريد الدخول بالأرواح فحسب، كان ذلك حين التوفي كما يشير إليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "القبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار"، أخرج ابن جرير والبيهقي عن محمد بن كعب القرظي قال: "إذا أشرف العبد المؤمن على الموت .. جاءه ملك الموت، فقال: السلام عليك يا وليَّ الله، الله يقرأ عليك السلام، وبشره بالجنة"، ٣٣ - ٣٣ والاستفهام في قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ} إنكاري؛ أي: ما ينتظر كفار مكة الذين قالوا إن القرآن أساطير الأولين {إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ}، أى: ملك الموت وأعوانه لقبض رواحهم بالتهديد والتعذيب، لمواظبتهم على الأسباب الموجبة له المؤدية إليه، فكأنهم يقصدون إتيانه ويترصدون لوروده، وليس المراد أنهم ينتظرون ذلك حقيقةً لأنهم لا يصدقونه {أَوْ} إلا أن {يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ}، أي: عذابه في الدنيا المستأصل لهم، كما فعل بأسلافهم من الكفار، فيرسل عليهم الصواعق، أو يخسف بهم الأرض، أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون، وهذا تهديد لهم على تماديهم في الباطل واغترارهم بالدنيا.

وخلاصة هذا: حثهم على الإيمان بالله ورسوله، والرجوع إلى الحق قبل أن ينزل بهم ما نزل بمن قبلهم من السالفين المكذبين لرسلهم.

وقرأ الأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائي وخلف (٢): {إلا أن يأتيهم الملائكة} بالياء التحتية، وقرأ الباقون بالمثناة الفوقية.

ثم ذكر أنهم ليسوا بأول من كذب بالرسل فقال: {كَذَلِكَ}؛ أي: مثل فعل هؤلاء من الشرك والظلم والتكذيب والاستهزاء {فَعَلَ الَّذِينَ} خلوا {مِنْ قَبْلِهِمْ} من الأمم فأصابهم العذاب المعجل.

{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ} بذلك، فإنه أنزل بهم ما استحقوه بكفرهم {وَلَكِنْ كَانُوا


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.