بأس الله، ولم يسيروا في نواحي الأرض وأرجائها {فَيَنْظُرُوا} يجوز أن يكون مجزومًا بالعطف على {يَسِيرُوا} وأن يكون منصوبًا على أنه جواب الاستفهام {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ أي: كيف كان حال من قبلهم، ومآلهم من الأمم المكذبة لرسلهم، كعاد وثمود وأضرابهم، وكانت ديارهم ممر تجار قريش {كَانُوا}؛ أي: كان الذين من قبلهم {هُمْ أَشَدَّ} وأكثر {مِنْهُمْ}؛ أي: من مشركي مكة {قُوَّةً}؛ أي: قدرةً وتمكنًا من التصرفات.
وإنما (١) جيء بضمير الفصل مع أن حقه التوسط بين معرفتين كقوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}؛ لمضاهاة أفعل من للمعرفة في امتناع دخول اللام عليه.
وقرأ الجمهور:{أَشَدُّ مِنْهُمْ} بالغيبة، وقرأ ابن عامر {أشد منكم} على الالتفات.
{و} أكثر {آثَارًا فِي الْأَرْضِ} مثل: القلاع الحصينة والمدن المتينة {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} سبحانه؛ أي: عاقبهم وأهلكهم {بِذُنُوبِهِمْ}؛ أي: بسبب كفرهم وتكذيبهم {وَمَا كَانَ لَهُمْ}؛ أي: للأمم المكذبة {مِنَ اللَّهِ}؛ أي: من عذاب الله تعالى {مِنْ وَاقٍ} يقيهم وحافظ يحفظهم ودافع يدفع عنهم العذاب. وقرأ ابن كثير:{واقي} بالياء في الوقف
٢٢ - {ذَلِكَ}؛ أي: ما ذكر من الأخذ {بِأَنَّهُمْ}؛ أي: بسبب أنهم {كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}؛ أي: بالمعجزات أو بالأحكام الظاهرة والحجج الواضحة {فَكَفَرُوا} بما جاؤوهم به وكذّبوا رسلهم {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} تعالى أخذًا عاجلًا {إِنَّهُ} تعالى {قَوِيٌّ}؛ أي: متمكن مما يريد غاية التمكن {شَدِيدُ الْعِقَابِ} لأهل الشرك، لا يعتبر عقاب دون عقابه، فهؤلاء المشركون من أهل مكة قد شاهدوا مصارعهم وآثار هلاكهم، فباي وجه أمنوا أن يصيبهم مثل ما أصابهم من العذاب، أو المعنى: أنه قوي على الانتقام من الأعداء للأولياء، شديد العقاب في الانتقام من الأعداء. وفي "فتح الرحمن": قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ ...} الآية. فإن قلت: لم قال هنا: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ} بضمير الجمع، وفي التغابن: بإفراده، حيث قال هناك:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا ....} الآية؟