قال الإِمام السهيلي: ذكروا أن حبيبًا كان به داء الجذام، فدعا له الحواري فشفي، فلذلك قال: إن يردن الرحمن. الخ انتهى. وقال بعضهم: إن المريض كان ابنه إلا أن يقال: لا مانع من ابتلاء كليهما، أو أن مرض ابنه في حكم مرض نفسه، فلذا أضاف الضر إلى نفسه، ويحتمل أن الضر ضر القوم؛ لأنه روي شفاء كثير من مرضاهم على يدي الرسل، فأضافه حبيب إلى نفسه على طريقة ما قبله من الاستمالة، وتعريفًا للإحسان بهم بطريق اللطف،
٢٤ - {إِنِّي إِذًا}؛ أي: إذا اتخذت من دونه آلهة، {لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}؛ أي: لفي خسران واضح، فإن إشراك ما ليس من شأنه النفع، ولا دفع الضر بالخالق المقتدر الذي لا قادر غيره، ولا خير إلا خيره ضلالٌ بيِّن، لا يخفى على أحدِ ممن له تمييز في الجملة، وهذا تعريض بضلالهم كما سبق.
٢٥ - ثم التفت إلى الرسل، وخاطبهم مصرِّحًا بإيمانه، منيبًا إلى ربه فقال {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ} الذي أرسلكم، {فَاسْمَعُونِ}؛ أي: فاسمعوا كلامي من الإيمان، فاشهدوا لي بذلك عند ربي، قال المفسرون: أراد قومه قتله، فأقبل هو علي المرسلين فقال: إني آمنت بربكم أيها الرسل، فاسمعوا إيماني، واشهدوا لي به، وقيل: إنه خاطب بهذا الكلام قومه لما أرادوا قتله تصلبًا في الدين، وتشددًا في الحق، فلما قال هذا القول وصرَّح بالإيمان .. وثبوا عليه فقتلوه؛ وقيل: وطئوه بأرجلهم حتى خرجت أمعاؤه، وقيل: حرقوه، وقيل: حفروا له حفيرة وألقوه فيها، وقيل: إنهم لم يقتلوه، بل رفعه الله إلى السماء، فهو في الجنة، وبه قال الحسن , وقيل: نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه، وروي أنه لما قال ذلك .. وثبوا عليه وثبةَ رجلٍ واحد، فقتلوه، ولم يجد من يدافع عنه، قال قتادة: جعلوا يرجمونه بالحجارة، وهو يقول: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، فلم يزالوا به كذلك حتى فارق الحياة، والمعنى: على أنه خطاب لقومه: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ} الذي خلقكم وربَّاكم بأنواع النعم، وإنما قال: بربكم، ولم يقل: آمنت بربي؛ ليعلموا أن ربهم هو الذي يعبده هو فيعبدوا ربهم، ولو قال: إني آمنت بربي، لعلهم يقولون: أنت تعبد ربك، ونحن نعبد ربنا، وهوآلهتهم. {فَاسْمَعُونِ}؛ أي: أجيبوني في وعظي ونصحي، واقبلوا قولي، كما يقال: سمع لمن حمده؛ أي: قبله، فالخطاب للكفرة، شافههم بذلك إظهارًا للتصلب في الدين، وعدم المبالاة بالقتل.