للمشركين {عِزًّا}؛ أي: منعةً؛ أي: ليكون الأصنام مانعين لهم من عذاب الله تعالى؛ أي: ليتعززوا بهم، بأن يكونوا لهم وصلةً إليه تعالى، وشفعاء عنده، وأنصارًا ينجون بهم من عذاب الله تعالى.
قال بعضهم (١): كيف تظفر بالعز وأنت تطلبه في محل الذل ومكانه، إذ ذللت نفسك بسؤال الخلق، ولو كنت موفقاً لأعززت نفسك بسؤال الحق، أو بذكره، أو بالرضى لما يرد عليك منه، فتكون عزيزًا في كل حال: دنيا وآخرة.
٨٢ - {كَلَّا}؛ أي: ليس الأمر على ما ظنوا {سَيَكْفُرُونَ}؛ أي: سيكفر الكفرة، وينكرون حين شاهدوا سوء عاقبة كفرهم، وينكرون {بِعِبَادَتِهِمْ}؛ أي: بعبادة الكفرة للأصنام {وَيَكُونُونَ}؛ أي: ويكون الكفرة {عَلَيْهِمْ}؛ أي: على الأصنام {ضِدًّا}؛ أي: أعداءً؛ أي: ويكون المشركون أعداءً لآلهتهم، كافرين بعبادتها، بعد أن كانوا يحبونها كحب الله ويعبدونها.
والمعنى عليه: فيكون المشركون للآلهة ضدًا وأعداءً يكفرون بها، بعد أن كانوا يحبونها ويؤمنون، ويصح أن يكون الضمير في {يكفرون}{وَيَكُونُونَ} للآلهة والمعنى حينئذٍ {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ}؛ أي: سيجحد الأصنام {بِعِبَادَتِهِمْ}؛ أي: بعبادة المشركين لها بأن ينطقها الله تعالى وتقول ما عبدتمونا {وَيَكُونُونَ}؛ أي: وتكون الأوثان التي يرجون أن تكون لهم منعةً من العذاب {ضِدًّا}؛ أي: أعداءً وأعوانًا بالعذاب، فإنهم وقود النار، ولأنهم عذبوا بسبب عبادتهم، وذلك أن الله تعالى يحشر آلهتهم، فينطقهم ويركب فيهم العقول، فتقول: يا رب عذب هؤلاء الذين عبدونا من دونك، أو المعنى عليه وتكون هذه الآلهة التي ظنوها عزًا لهم، ضدًا عليهم؛ أي: ضدًا للعز وضد العز الذل، وقرأ ابن أبي نهيك {كلاً} بالتنوبن وروى عنه مع ذلك ضم الكاف وفتحها، فعلى الضم هي بمعنى جميعًا، وانتصابها بفعل مضمر، كأنه قال: سيكفرون كلاً سيكفرون بعبادتهم، وعلى الفتح يكون مصدرًا لفعل محذوف تقديره كل هذا الرأي {كلا} وقراءة الجمهور: هي الصواب وهي حرف ردع وزجر، ذكره الشوكاني،