ذلك الوجه، وخصصناك ببعض الخصائص، كالنكاح بلا مهر وولي وشهود، ونحوها.
وفسروا المفروض في حق الأزواج بالمهر، والولي، والشهود، والنفقة، ووجوب القسم، والاقتصار على الحرائر الأربع، وفي حق المملوكات بكونهن ملكًا طيبًا، بأن تكون من أهل الحرب، لا ملكًا خبيثًا، بأن تكون من أهل العهد.
وفي الحديث:"الصلاة وما ملكت أيمانكم"؛ أي: احفظوا الصلوات الخمس، والمماليك بحسن القيام بما يحتاجون إليه من الطعام والكسوة وغيرها، وبغير تكليف على ما لا يطيقون من العمل، وترك التعذيب، قرنه عليه الصلاة والسلام بأمر الصلاة إشارةً إلى أن حقوق المماليك واجبة على السادات وجوب الصلوات.
{وَكَانَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {غَفُورًا}؛ أي: فيما يعسر التحرز عنه {رَحِيمًا}؛ أي: منعمًا على عباده بالتوسعة في مظان الحرج، ونحوه؛ أي: يغفر الذنوب ويرحم العباد، ولذلك وسع الأمر ولم يضيقه.
٥١ - {تُرْجِي} وتؤخر يا محمد {مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ}؛ أي: من أزواجك، وتترك مضاجعتها من غير نظر إلى نوبة وقسم وعدل. {وَتُؤْوِي} وتضم إليك {مَنْ تَشَاءُ} منهن، وتضاجعها من غير التفات إلى نوبة وقسمة أيضًا. فالاختيار بيديك في الصحبة بمن شئت، ولو أيامًا زائدة على النوبة، وكذا في تركها، والمعنى: أي تؤخر وتترك مضاجعة من تشاء من أزواجك، وتضاجع من تشاء منهن، ولا يجب عليك قسم بينهن، بل الأمر في ذلك إليك، على أنه كان يقسم بينهن، وقد كان القسم واجبًا عليه حتى نزلت هذه الآية، فارتفع الوجوب، وصار الخيار إليه، وذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - بالنسبة إلى أمته نسبة السيد المطاع، أو المعنى: تطلِّق من تشاء منهن، وتمسك من تشاء، أو المعنى: تترك تزوج من شئت من نساء أمتك، وتتزوج من شئت، كما في "بحر العلوم". وقد قيل: إن هذه الآية ناسخة لقوله: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}، وسيأتي بيان ذلك.
وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص:{تُرْجِي} بياء ساكنة، والباقون: بهمزة مضمومة، وهما لغتان، يقال: أرجأت الأمر، وأرجيته، إذا أخرته.