للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وافتخارًا بذلك، وصلة العكوف كلمة على، وإيراد اللام لإفادة معنى زائد، كأنهم قالوا: فنظل لأجلها مقبلين على عبادتها، ومستديرين حولها.

وقال أبو الليث: إن إبراهيم عليه السلام ولدته أمه في الغار، فلما خرج وكبر دخل المصر، وأراد أن يعلم على أي مذهب هم، وهكذا ينبغي للعاقل إذا دخل بلدة أن يسألهم عن مذهبهم، فإن وجدهم على الاستقامة دخل معهم، وإن وجدهم على غير الاستقامة أنكر عليهم.

٧٢ - فلما قال إبراهيم: ما تعبدون، وقالوا: نعبد أصنامًا فنظل لها عاكفين، وأراد أن يبين عيب فعلهم {قَالَ} إبراهيم، استئناف بياني {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ}؛ أي: هل يسمعون دعاءكم؛ أي: هل تسمع تلك الأصنام دعاءكم، فهو على حذف المضاف، فإن {كم} ليس من قبيل المسموعات، والتعبير عنها بالواو بحسب زعمهم، فإنهم كانوا يجرون الأصنام مجرى العقلاء، وقرأ الجمهور: {يَسْمَعُونَكُمْ} بفتح الياء من سمع الثلاثي، وقرأ قتادة ويحيى بن يعمر بضم الياء وكسر الميم من أسمع الرباعي؛ أي: هل يسمعونكم أصواتهم في الاستجابة لكم {إِذْ تَدْعُونَ}؛ أي: وقت دعائكم إياهم لحوائجكم فيستجيبون لكم، وقرىء بإظهار ذال {إِذْ}، وبإدغامها في تاء {تَدْعُونَ}

٧٣ - {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ} في معايشكم بسبب عبادتكم لها {أَوْ يَضُرُّونَ} في معايشكم بتركك لعبادتها؛ إذ لا بد للعبادة من جلب نفع أو دفع ضر.

٧٤ - {قَالُوا} ما رأينا منهم ذلك السمع أو النفع أو الضر {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ}: منصوب بقوله: {يَفْعَلُونَ} وهو مفعول ثان لـ {وَجَدْنَا}؛ أي: وجدناهم يعبدون مثل عبادتنا، فاقتدينا بهم، اعترفوا بأنها بمعزل من السمع والمنفعة والمضرة بالكلية، واضطروا إلى إظهار أن لا سند لهم سوى التقليد.

والاستفهام في قوله: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ} للتقرير؛ أي: فإنها إذا كانت لا تسمع ولا تنفع ولا تضر فلا وجه لعبادتها، فإذا قالوا: نعم هي كذلك أقروا بأن عبادتهم لها من باب اللعب والعبث، وعند ذلك تقوم الحجة عليهم، فلما أورد عليهم الخليل هذه الحجة الباهرة لم يجدوا لها جوابًا إلا رجوعهم إلى التقليد