الحديث:"كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم قرنه وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر أن ينفخ فيه، فقالوا: كيف نصنع؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا".
ومعنى {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)}؛ أي: يومهم عسير لا يسر فيه، ولا فيما بعده على خلاف ما جرت به العادة من أن كل عسر بعده يسر، وعسره عليهم أنهم يناقشون الحساب ويعطون كتبهم بشمائلهم وتسود وجوههم، وتتكلم جوارحهم فيفتضحون على رؤوس الأشهاد. وأمّا المؤمنون فإنه عليهم يسير، لا يناقشون فيه حسابًا، ويمشون بيض الوجوه.
١١ - وقوله:{ذَرْنِي}؛ أي: دعني واتركني {وَمَنْ خَلَقْتُ} ـه حالة كونه {وَحِيدًا}؛ أي: منفردًا لا مال له ولا ولد. تهديد ووعيد؛ أي: دعني والذي خلقته حال كونه وحيدًا في بطن أمه لا مال له ولا ولد، وهذا المعنى على أن {وَحِيدًا} حال من {مَنْ} الموصولة أو من الضمير العائد إليها المحذوف، ويحتمل أن يكون حالًا من الياء في {ذَرْنِي}؛ أي: ذرني وحدي معه، فإني أكفيكه في الانتقام منه أو من التاء في {خَلَقْتُ}؛ أي: خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد. والأوّل أولى. قال مقاتل: يقول الله: خلّ بيني وبينه فأنا أنفرد بهلكته. قال المفسرون: نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي، وإنّما خصّ بالذكر لمزيد كفره وعظيم جحوده لنعم الله عليه، وكان يلقب في قومه بالوحيد زعمًا منهم أنّه لا نظير له في وجاهته، ولا في ماله، وكان يفتخر بنفسه، ويقول: أنا الوحيد بن الوحيد ليس لي في العرب نظير، لا لأبي المغيرة نظير أيضًا. فسمّاه الله بالوحيد تهكّمًا به واستهزاء بلقبه كقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)}، وصرفًا له عن الغرض الذي يؤمونه من مدحه إلى جهة ذمّه بكونه وحيدًا من المال والولد، أو وحيدًا من أبيه ونسبه، لأنه كان زنيمًا، وهو من ألحق بالقوم وليس منهم، كما مرّ. أو وحيدًا في الشرارة والخيانة والدناءة.
١٢ - {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢)}؛ أي: مبسوطًا كثيرًا، فكان له زرع وضرع وتجارة كثيرة. قال مقاتل: كان له بستان لا ينقطع ثمره شتاءً ولا صيفًا. وقال ابن عباس: كان له مال ممدود بين مكة والطائف من الإبل والخيل، والغنم والبساتين