للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال المروزي (١): كان اليونان يعطون جميع المال للبنات؛ لأن الرجال لا يعجز عن الكسب، والمرأة تعجز، وكانت العرب لا يعطون البنات، فرد الله على الفريقين، والمعنى بالرجال المذكور، وبالنساء الإناث، وقال الشوكاني (٢): لما ذكر الله سبحانه وتعالى حكم أموال اليتامى وصله بأحكام المواريث، وكيفية قسمتها بين الورثة، وأفرد سبحانه ذكر النساء بعد ذكر الرجال، ولم يقل للرجال والنساء نصيب، للإيذان بأصالتهن في هذا الحكم، وللاعتناء بأمرهن، ودفع ما كانت عليه الجاهلية من عدم توريث النساء، ولم يستفد من الآية الرد عليهم في حرمان الزوجة؛ لأن الزوج ليس والدًا، ولا قريبًا لها، فكأن حكمها أستفيد مما سيأتي، ومن السنة، وفي ذكر القرابة بيان لعلة الميراث مع التعميم لما يصدق عليه مسمى القرابة من دون تخصيص، وقوله {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ} أي مما تركوه أي من المال المخلف من الميت {أَوْ كَثُرَ} منه بدل من قوله {مِمَّا تَرَكَ} بإعادة الجار، والضمير في قوله {مِنْهُ} راجع إلى المبدل منه، وأتى بهذا البدل لتحقيقِ أن لكل من الفريقين حقًّا من كل ما جل ودق، ولدفع توهم اختصاص بعض الأموال ببعض الورثة كالخيل، وآلات الحرب للرجال حالة كون نصيب كل من الفريقين {نَصِيبًا مَفْرُوضًا}؛ أي: حظًّا مقدرًا لهم مقطوعًا بتسليمه إليهم؛ فلا يسقط بإسقاطهم، ففي الآية (٣) دليل على أن الوارث لو أعرض عن نصيبه لم يسقط حقه بالإعراض.

وقد أجمل الله سبحانه وتعالى في هذه الآية قدر النصيب المفروض ثُمَّ أنزل قوله {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} فبين ميراث كل فرد، ومعنى الآية (٤) أنه إذا كان لليتامى مالُ مما تركه لهم الوالدان والأقربون، فهم فيه سواء لا فرق بين الرجال والنساء، ولا فرق بين كونه كثيرًا أو قليلًا، وأتى بقوله: {نَصِيبًا مَفْرُوضًا} لبيان أنه حق معين مقطوع به، ليس لأحد أن ينقص منه شيئًا، ولا أن يحابى فيه.

٨ - {وَإِذَا حَضَرَ} وجاء {الْقِسْمَةَ}؛ أي: محل قسمة التركة بين الورثة {أُولُو


(١) البحر المحيط.
(٢) فتح القدير.
(٣) البيضاوي.
(٤) المراغي.