الْقُرْبَى}؛ أي: أصحاب قرابة الميت ممن لا يرث، لكونه عاصبًا، محجوبًا كالأخ لأب مع الأخ الشقيق، والعم مع الأب، أو لكونه من ذوي الأرحام، كالخال والخالة، {وَالْيَتَامَى}؛ أي: يتامى المؤمنين الأجانب {وَالْمَسَاكِينُ}؛ أي: مساكين المؤمنين الأجانب {فَارْزُقُوهُمْ}؛ أي: فأعطوا ندبًا أيها الورثة الكاملون هؤلاء الأصناف الثلاثة الحاضرين محل القسمة {مِنْهُ}؛ أي: من المال المقسوم بينكم قبل القسمة شيئًا، ولو قليلًا؛ أي: إذا حضر قسمة التركة أحد من هؤلاء الأصناف الثلاثةِ المذكورينَ فأعطوهم أيها الورثة الكاملون بشيء من الرزق الذي أتاكم من غير كد ولا نصب، فلا ينبغي أن تبخلوا به على المحتاجين من ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وتتركوهم يذهبون منكسري القلب مضطربي النفس، {وَقُولُوا} أيها الورثة الكاملون مع الإعطاء المذكور {لَهُمْ}؛ أي: لهؤلاء الأصناف الحاضرين محل القسمة {قَوْلًا مَعْرُوفًا}؛ أي: قولًا لينًا طيبًا تطيب به نفوسهم عندما يعطون، حتى لا يثقل على أبيِّ النفس منهم ما يأخذ، ويرضي الطامع في أكثر مما أخذ بما أخذ بالتودد، والتلطف في القول، وعدم التغليظ فيه.
وقيل: الخطاب في الآية على التوزيع، فالخطاب في الرزق للورثة الكاملين، وفي القول لأولياء الورثة غير الكاملين، والمعنى حينئذ. فارزقوهم أيها الورثة الكاملون من المال المقسوم شيئًا من الرضخ، وقولوا: يا أولياء الورثة غير الكاملين لهؤلاء الأصناف الحاضرين قولًا معروفًا جميلًا كأن يقول الولي لهم: هذا المالُ لهؤلاء الضعفاء، الذين لا يعقلون، وليس لي فيه حق فأعطيكم، ولكن إذا كبروا فيعرفون حقوقكم، فيعطوكم، أو يقول: سأوصيهم ليعطوكم شيئًا إذا كبروا.
والسر في إعطائهم شيئًا من التركة: أنه ربما يسري الحسدُ إلى نفوسهم، فينبغي التودد إليهم، واستمالتهم باعطائهم قدرًا من هذا المال هبةً، أو هدية، أو إعداد طعام لهم يوم القسمة، ليكون في هذا صلة للرحم، وشكر للنعمة.
قال سعيد بن جبير: هذا الأمر أعني أمر الإعطاء للوجوب، وقد هجره الناس كما هَجروا العملَ بالاستئذان عند دخول البيوت، والمعتمد أنه ندبُ.