والسعي في إزالة طغيانه وتحكمه في الرقاب والبلاد، هذه مصيبة ما أعظمها. فإنا لله وإنا إليه راجعون، فنسأل الله أن ينصر المسلمين على أعدائهم، ويردَّ إليهم أراضيهم بتوفيقهم كلمة الحق. آمين.
{بِيَدِكَ} يا إلهي لا بيد غيرك {الْخَيْرُ} كله من الإعزاز والنصرة والغنيمة، وكذا بيدك الشر من الإذلال والخذلان والهزيمة، فهو من باب الاكتفاء. إلا أنه خص الخير بالذكر؛ لأنه المنتفع به والمرغوب فيه، ولأنه المناسب للمقام، فإنه ما أغرى أولئك الجاحدين وجعلهم يستهينون بالدعوة إلا فقر الداعي، وضعف أتباعه، وقلة عددهم، فأمره الله أن يلجأ إلى مالك الملك الذي بيده الإعزاز والنصر، وأن يذكره بأن الخير كله بيده فلا يعجزه أن يعطي نبيه والمؤمنين من السيادة وبسطة السلطنة ما وعدهم، وأن يؤتيهم من الخير ما لا يدور بخلد أولئك الذين استضعفوهم، كما قال: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥)}.
واليد صفة ثابتة له تعالى نؤمن بها ولا نكيفها ولا نمثلها، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} كما هو المذهب الأعلم الأسلم الذي عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم {إِنَّكَ} يا إلهي {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} تريده من إيتاء الملك لمن تشاء ونزعه منه، وإعزاز من تشاء وإذلال من تشاء {قَدِيرٌ}؛ أي: قادر عليه ولا يقدر على شيء أحد غيرك إلا بإقدارك.
٢٧ - {تُولِجُ اللَّيْلَ}؛ أي: إنك يا إلهي بقدرتك تدخل بعض ساعات الليل {فِي النَّهَارِ} فيكون النهار أطول بقدر ما نقص من الليل حتى يكون النهار خمسة عشر ساعة، وذلك غاية طول النهار، ويكون الليل تسع ساعات، وذلك غاية قصر الليل؛ كما يكون في زمن الصيف {وَتُولِجُ النَّهَارَ}؛ أي: وتدخل بعض ساعات النهار {فِي اللَّيْلِ} فيكون الليل أطول بقدر ما نقص من النهار حتى يكون الليل خمسة عشر ساعة، وذلك غاية طوله، ويكون النهار تسع ساعات، وذلك غاية قصره؛ كما يكون في زمن الشتاء.