للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل (١): المراد أنه تعالى يأتي بسواد الليل عقيب ضوء النهار، ويأتي بضوء النهار بعد ظلمة الليل. والقول الأول أصح وأقرب إلى معنى الآية؛ لأنه إذا نقص الليل كان ذلك القدر زيادة في النهار، وبالعكس وهو معنى: الولوج.

والخلاصة: أنك بحكمتك في خلق الأرض مكورة، وجعل الشمس بنظام خاص تزيد في أحد الملوين الليل والنهار ما يكون سببًا في نقص الآخر، فليس بالمنكر بعد هذا أن تؤتي النبوة والملك من تشاء؛ كمحمد وأمته من العرب، وتنزعهما ممن تشاء؛ كبني إسرائيل، فما مثل تصرفك في شؤون الناس إلا مثل تصرفك في الليل والنهار.

{و} إنك يا إلهي {تخرج الحي} حياة معنوية {مِنَ الْمَيِّتِ} موتًا معنويًّا؛ كالعالم من الجاهل، والمؤمن من الكافر؛ كعكرمة من أبي جهل؛ لأن المؤمن حي الفؤاد والكافر ميت الفؤاد، أو حياة وموتًا حسيين؛ كالإنسان من النطفة، والطائر من البيضة.

{وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ} موتًا معنويًّا أو حسيًّا {مِنَ الْحَيِّ} حياة معنوية أو حسية؛ كالجاهل من العالم، والكافر من المؤمن؛ ككنعان من سيدنا نوح عليه السلام، وكالنطفة من الإنسان، والبيضة من الطائر، وكذلك سائر الحيوان.

{و} إنك يا إلهي {ترزق} وتعطي {مَنْ تَشَاءُ} وتريد رزقه رزقًا كثيرًا {بِغَيْرِ حِسَابٍ} ومقدار لا يعرف الخلق عدده، ومقداره لكثرته وإن كان معلومًا عنده تعالى يعني من غير تضييق ولا تقتير، بل تبسط الرزق لمن تشاء وتوسعه عليه.

والخلاصة: أن من قدر على تلك الأفعال العجيبة المحيرة للأفهام، ثم قدر أن يرزق بغير حساب .. فهو قادر على أن ينزع الملك من العجم، ويذلهم، ويؤتيه العرب، ويعزهم فإن الأمر كله بيده، وفي بعض الكتب السالفة: أنا الله ملك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني .. جعلتهم


(١) الخازن.