للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أمرني أن أسير بكم إلى هنا، وهو تعالى لا يخلف وعده، فهو سيهدين إلى طريق النجاة والخلاص وسينصرني عليهم ويتكفل بمعونتي.

٦٣ - روي (١): أن رجلًا مؤمنًا من آل فرعون يكتم إيمانه كان بين يدي موسى عليه السلام، فقال: يا كليم الله أين أمرت؟ قال هاهنا، فحرك فرسه بلجامه حتى طار الزبد من شدقه، ثم أقحمه البحر، فارتسب في الماء، وذهب القوم يصنعون مثل ذلك، فلم يقدروا، فأوحى الله إليه بضرب البحر بعصاه، فإذا الرجل واقف على فرسه، ولم يبتل سرجه، ولا لبده، وذلك قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ}؛ أي: قلنا له يا موسى اضرب بعصاك البحر. فـ {أَنِ} مفسرة بمعنى أي، و {الْبَحْرَ} (٢): هو بحر القلزم؛ وهو طرف من بحر فارس، والقُلْزُم - بضم القاف وسكون اللام وضم الزاي -: بليدة كانت على ساحل البحر من جهة مصر، بينها وبين مصر نحو ثلاثة أيام، وقد خربت، ويعرف موضعها اليوم بالسويس تجاه عجرود، منزل ينزله الحاج المتوجه من مصر إلى مكة، وبالقرب منها غرق فرعون، وبحر القلزم بحر مظلم وحش، لا خير فيه ظاهرًا وباطنًا، وعلى ساحل هذا البحر مدينة مدين؛ وهي خراب، وبها البئر التى سقى موسى عليه السلام منها غنم شعيب، وهي معطلة الآن.

و {الفاء}: في قوله: {فَانْفَلَقَ} عاطفة على محذوف تقديره: فضربه موسى فانفلق ماء البحر؛ أي: انشق فصار اثني عشر فرقًا بعدد الأسباط بينهن مسالك {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ}؛ أي: كل جزء تفرق منه وتقطع {كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}؛ أي: كالجبل المرتفع في السماء الثابت في مقره، فدخلوا في شعاب تلك الفرق، كل سبط في شعب منها، فقال كل سبط: قتل أصحابنا، فعند ذلك دعا موسى ربه، فجعل في تلك الجدران المائية مناظرة كالكوى حتى نظر بعضهم إلى بعض على أرض يابسة.

قال الراغب: الطود: الجبلى العظيم، ووصفه بالعظم؛ لكونه فيما بين


(١) المراح.
(٢) روح البيان.