١٠٢ - ثم شرع الله سبحانه وتعالى في بيان كيفية صلاة الخوف فقال:{وَإِذَا كُنْتَ} يا محمد {فِيهِمْ}؛ أي: في جماعتك من المؤمنين في حالة خوفهم من الأعداء {فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ}؛ أي: فأردت أن تقيم الصلاة إمامًا لهم، فاجعلهم طائفتين {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ}؛ أي: فلتقف فرقة واحدة من الفرقتين منهم وراءك ليصلوا {مَعَكَ} الركعة الأولى من الثنائية، ولتقف الطائفة الأخرى بإزاء العدو ليحرسوا المصلين معك، خوفًا من هجوم العدو على المصلين، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق، {فلتقم} بكسر اللام، {وَلْيَأخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}؛ أي: وليحمل الذين يقومون معك في الصلاة أسلحتهم التي لا تشغلهم عن الصلاة كالسيف والخنجر، ولا يدعوها وقت الصلاة، فإن ذلك أقرب إلى الاحتياط، وأمنع للعدو من الإقدام عليهم {فَإِذَا سَجَدُوا}؛ أي: فإذا سجد الذين يقومون معك في الصلاة {فَلْيَكُونُوا}؛ أي: فليكن الذي يحرسونكم {مِنْ وَرَائِكُمْ}؛ أي: من خلفكم؛ أي: من خلف المصلين معك، إذ أحوج ما يكون المصلي للحراسة حين السجود؛ لأنَّه لا يرى من يهم به، ويجب حينئذ أن يكون الحارسون مستعدين للقيام مقام المصلين، ليصلوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الركعة الثانية، كما صلت الفرقة الأولى الركعة الأولى معه، أو المعنى:{فَإِذَا سَجَدُوا}؛ أي: فإذا سجد المصلون معك وأتموا صلاتهم بعد نية المفارقة .. {فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ}؛ أي: فلينصرفوا إلى مصاف أصحابهم بإزاء العدو للحراسة من ورائكم، ثم يبقى الإِمام قائمًا في الركعة الثانية {وَلْتَأتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى}؛ أي: ولتجيء الطائفة الأخرى الذين {لَمْ يُصَلُّوا} معك في الركعة الأولى لاشتغالهم بالحراسة. وقرأ أبو حيوة:{وليأت} بالياء التحتانية على تذكير الطائفة، واختلف عن أبي عمرو في إدغام التاء في الطاء. {فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} في الركعة الثانية كما صلت الطائفة الأولى معك الركعة الأولى، ثم يجلس الإِمام منتظرًا لهم في التشهد إلى أن يصلوا ركعة ثانية، ثم يسلم الإِمام بهم {وَلْيَأخُذُوا حِذْرَهُمْ}؛ أي: ولتأخذ هذه الطائفة الثانية حذرهم واحتياطهم للعدو، وانتباههم وتيقظهم له {وَأَسْلِحَتَهُمْ} معهم في الصلاة، كما فعل الذين من قبلهم، وإنَّما أمر بالحذر هنا؛