للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأن العدو لم يتنبه للمسلمين في أول الصلاة، بل يظنون كونهم قائمين لأجل المحاربة والنزال، فإذا قاموا للركعة الثانية .. ظهر للكفار كونهم في الصلاة، فحينئذ ينتهزون الفرصة في الهجوم عليهم، فخص الله تعالى هذه الطائفة بزيادة الحذر من الكفار.

والمعنى: وليكونوا حذرين من عدوهم، متسلحين لقتالهم، وقد بين الله سبحانه وتعالى علة الأمر بأخذ الحذر والسلاح حتى في الصلاة بقوله تعالى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي: تمنى أعداؤكم الذين كفروا بالله تعالى وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - وبما أنزل عليكم {لَوْ تَغْفُلُونَ} وتنشغلون وتعرضون {عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ} التي تقاتلونهم بها {و} عن {أمتعتكم} التي بها بلاغكم وحياتكم في سفركم، بأن تشغلكم صلاتكم عنها. وقرىء: {وأمتعاتكم} وهو شاذ، إذ هو جمع الجمع {فَيَمِيلُونَ} حينئذ {عَلَيْكُمْ مَيْلَةً}؛ أي: يهجمون ويحملون عليكم حملة واحدة وأنتم مشغولون بالصلاة واضعون للسلاح تاركون حماية المتاع والزاد فيصيبون منكم غرة، فيقتلون من استطاعوا قتله، وينتهبون ما استطاعوا نهبه، فلا تغفلوا عنهم.

والمعنى: تمنوا أن ينالوا منكم غرة في صلاتكم، فيشدون عليكم شدة واحدة، ويأخذونكم بالدفعة، وهذا بيان ما لأجله أمروا بأخذ السلاح، {وَلَا جُنَاحَ}؛ أي: ولا حرج ولا إثم {عَلَيْكُمْ} أيها المؤمنون {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ}؛ أي: إذا أصابكم أذى من مطر تمطرونه، فيشق عليكم حمل السلاح مع ثقله في ثيابكم، وربَّما أفسد الماء السلاح إذ يجعله يصدأ {أَوْ} إن {كُنْتُمْ مَرْضَى} بالجراح أو بغير الجراح من العلل في {أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} على الأرض، وتتركوا حملها رخصة لكم في وضعها، إذا ثقل عليكم حملها بسبب مطر أو مرض؛ لأن السلاح يثقل على المريض، ويفسد في المطر، والمعنى: لا وزر عليكم في وضع الأسلحة، وترك حملها إنْ تعذر عليكم حملها، إما لثقلها بسبب مطر أو مرض، أو لإيذاء من في الجنب {و} لكن {خذوا حذركم}؛ أي: احترازكم من عدوكم وراقبوه ولا تغفلوا عنه؛ أي: ولكن يجب عليكم في جميع الأحوال أن تأخذوا حذركم، ولا تغفلوا عن أنفسكم، ولا عن أسلحتكم