قرأ ابن عباس وابن مسعود {يخوفكم أولياءَه} وقرأ أبي بن كعب، والنخعي {يخوفكم بأوليائه}.
{فَلَا تَخَافُوهُمْ}؛ أي: فلا تخافوا أولياء الشيطان، ولا تقعدوا عن قتالهم، ولا تجبنوا عنهم، ولا تحفلوا بقولهم {وَخَافُونِ} في مخالفة أمري بالجلوس، فجاهدوا في سبيلي، مع رسولي؛ لأنكم أوليائي، وأنا وليكم وناصركم، {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}؛ أي: مصدقين بوعدي لكم النصر، والظفر، أو راسخي الإيمان قائمين بحقوقه، فإن من حقه إيثار خوف الله تعالى على خوف غيره، والأمن من شر الشيطان، وأوليائه وأثبت أبو عمرو ياء {وَخَافُونِ} وهي ضمير المفعول، والأصل الإثبات، ويجوز حذفها للوقف على نون الوقاية بالسكون، فتذهب الدلالة على المحذوف.
وخلاصة ذلك: أنه إذا عرضت لكم أسباب الخوف فاستحضروا في نفوسكم قدرة الله الذي بيده كل شيء، وهو يجير، ولا يجار عليه، وتذكروا وعده بنصركم، وإظهار دينكم على الدين كله، وأن الحق يدمغ الباطل، فإذا هو زاهق، واذكروا قوله تعالى:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} ثم خذوا أهبتكم، وتوكلوا على ربكم، فإنه لا يدع لخوف غيره مكانًا في قلوبكم.
١٧٦ - ولما نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين عن خوف أولياء الشيطان، وأمرهم بخوفه وحده تعالى نهى رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن الحزن لمسارعة من سارع في الكفر، فقال:{وَلَا يَحْزُنْكَ}؛ أي: لا يهمنك أيها الرسول مسارعة {الَّذِينَ يُسَارِعُونَ} ويبادرون {فِي} نصرة دين {الْكُفْرِ}، والشرك، ومظاهرة أهله على النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل: هم كفار قريش، وقيل: هم المنافقون، وقيل: هو عام في جميع الكفار، والمعنى: ولا يحزنك من يسارع في الكفر بنصرته بأن يقصد جمع العساكر لمحاربتك، وإبطال هذا الدين وإزالة هذه الشريعة، وهذا المقصود لا يحصل لهم، بل يضمحل أمرهم، وتزول شوكتهم، ويعظم أمرك، ويعلو شأنك فـ {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ}؛ أي: إن هؤلاء المسارعين لن يضروا دين الله ورسوله بهذا الصنيع