للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَفِيْ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْوَاحِدُ

والخلاصة (١): قل يا محمَّد للكفار: تفكروا واعتبروا واتعظوا بما في السموات والأرض، من المصنوعات الدالة على الصانع ووحدته، وكمال قدرته و {ماذَا}: مبتدأ وخبره {فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أو المبتدأ {ما} فقط و {ذا} بمعنى الذي {فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} صلته، والموصول وصلته خبر المبتدأ؛ أَيْ: أيُّ شيءٍ الذي في السموات والأرض؟ وعلى كلا التقديرين، فالجملة في محل نصب بالفعل الذي قبلها وقرأ (٢) الحرميان، نافع وابن كثير، والعربيان أبو عمرو وابن عامر والكسائي؛ {قُلِ انْظُرُوا} بضم اللام على نقل ضمة الهمزة إلى اللام. وقرأ باقي السبعة: بكسر اللام على أصل حركة التخلص من التقاء الساكنين. ثم ذكر سبحانه أن التفكر والتدبر في هذه الدلائل لا ينفع في حق من استحكمت شقاوته، فقال: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ}؛ أي: وما تنفع الدلائل السماوية والأرضية المذكورة في قوله: {مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. {وَالنُّذُرُ}؛ أي: والرسل المنذرون {عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} في علم لله تعالى وحكمه وقضائه.

والمعنى: أن من كان هكذا .. لا يجدي فيه شيء ولا يدفعه عن الكفر دافع، و {ما}: نافية؛ أي: ما تنفع، ويجوز أن تكون استفهامية؛ أي: أي شيء ينفع؟ وقرىء: {وما تغني} بالتاء وهي قراءة الجمهور، وبالياء.

{تغني} تنفع (٣) وتفيد {وَالنُّذُرُ} واحدها نذير؛ أي: إن الآيات الكونية على ظهور دلالتها، والرسل على بلاغة حجتها, لا تجدي نفعًا لقوم لا يتوقع إيمانهم؛ لأنهم لم يوجهوا أنظارهم إلى الاعتبار بالآيات والاستدلال بها، على ما تدل عليه من وحدانية الله تعالى، وقدرته، والاعتبار بسننه في خلقه والاستفادة منها فيما يزكي النفس ويرفعها عن الأرجاس والأدناس.

١٠٢ - قوله: {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ} مرتب (٤) على قوله: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ} إلخ


(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط والصاوي.
(٣) المراغي.
(٤) الفتوحات.