الذين كنا نتخذهم في الدنيا سخريًا، ألم يدخلوا النار معنا، أم دخلوها ولكن زاغت عنهم أبصارنا، ولم ترهم.
وقرأ النحويان (١) - أبو عمرو والكسائي - وحمزة {أَتَّخَذْناهُمْ} وصلًا. فقال أبو حاتم، والزمخشري، وابن عطية: صفة لـ {رِجالًا}. قال الزمخشري: مثل قوله: {نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ}. وقال ابن الأنباري: حال؛ أي: وقد اتخذناهم. وقرأ أبو جعفر، والأعرج، الحسن، وقتادة، وباقي السبعة: بهمزة الاستفهام، لتقرير أنفسهم على هذا، على جهة التوبيخ لها، والأسف؛ أي: اتخذناهم سخريا ولم يكونوا كذلك، وقرأ عبد الله، وأصحابه، ومجاهد، والضحاك، وأبو جعفر، وشيبة، والأعرج، ونافع، وحمزة، والكسائي:{سخريا} بضم السين ومعناها، من السخرة والاستخدام. وقرأ الحسن، وأبو رجاء، وعيسى، وابن محيصن، وباقي السبعة بكسر السين، ومعناها المشهور من السخر، وهو الهزء. قال أبو عبيدة: من كسر جعله من الهزء، ومن ضم جعله من التسخير.
٦٤ - ثم بيّن أن هذا التناجي، سيكون يوم القيامة، وأنه حق لا مرية فيه، فقال:{إِنَّ ذلِكَ} المذكور الذي حدثناك عنه، أيها الرسول من تخاصم أهل النار بعضهم لبعض، ولعن بعضهم بعضًا {لَحَقٌّ}؛ أي: لواقع ثابت في الدار الآخرة، لا يتخلف البتة. هو {تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} خبر لمبتدأ محذوف، والجملة بيان لذلك، وقيل: بيان لحق، وقيل: بدل منه، وقيل: بدل من محل {ذلِكَ}، ويجوز أن يكون خبرًا بعد خبر، وهذا على قراءة الجمهور، برفع {تَخاصُمُ}.
والمعنى: أن ذلك الذي حكاه الله عنهم لحق، لا بد أن يتكلموا به، وهو تخاصم أهل النار فيها، وما قالته الرؤساء للاتباع، وما قالته الأتباع لهم.
وقرأ الجمهور:{تَخاصُمُ} بالرفع مضافًا إلى {أَهْلِ}. وقرأ ابن أبي عبلة، {تخاصمَ أهل} بنصب الميم وجر {أَهْلِ} على أنه بدل من {ذلِكَ} أو بإضمار أعني، وقرأ ابن السميقع {تَخَاصَم} فعلًا ماضيًا، {أَهْلِ}: فاعل، فتكون جملة