يدركه، وقيل: المعنى وما كانوا سابقين غيرهم إلى الكفر، بل قد سبقهم إليه قرون كثيرة؛ أي تلك عادة الأمم مع رسلهم.
ومعنى الآية: أي وأهلكنا أيضًا قارون صاحب الأموال الطائلة والكنوز الكثيرة، وفرعون ملك الملوك في عصره ومصره، ووزيره هامان، ولقد جاءهم موسى بآيات بينات، تدل على صدق رسالته، فاستكبروا في الأرض، وأبوا أن يصدقوه، وأن يؤمنوا به، وما كانوا فائتين الله ولا هاربين من عقابه، بل هو قادر عليهم، وآخذهم أخذ عزيز مقتدر.
عاقبة الأمم المكذبة لرسلها
٤٠ - والفاء في قوله:{فَكُلًّا} من الأمم المكذبة {أَخَذْنَا} وعاقبنا {بِذَنْبِهِ}؛ أي: بكفره وتكذيبه، تفسيرية؛ لأنها دخلت على الكلام المفسر، لما يُنبىء عنه عدم سبقهم بطريق الإبهام؛ أي: كل واحد من الأمم المذكورة أخذنا بذنبه، أي عاقبناه بجنايته، لا بعضهم دون بعض، كما يُشعر به تقديم المفعول.
وفيه دليل على أنه تعالى لا يعاقب أحدًا إلا بذنبه، وأنهم يقولون إنه تعالى لو عاقب ابتداءً جاز، والجواب: نحن لا ننكر أنه تعالى يعاقب الكفار على كفرهم، والمذنبين بذنبهم، وإنما الكلام في أنه لو عاقب ابتداء لا يكون ظالمًا؛ لأنه يفعل ما يشاء بحكم الملك المطلق، والفاء في قوله:{فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا} تفصيلية؛ لأنها دخلت على الجملة المفصلة للأخذ المذكور؛ أي (١): أهلك الله سبحانه الأمم المكذبة بأربعة ألوان من العذاب:
١ - {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا} وسلطنا {عَلَيْهِ حَاصِبًا}؛ أي: ريحًا عاصفًا فيه حصباء، وهي الحصى الصغار، كقوم عاد إذا قالوا: مَن أشد منا قوة، فجاءتهم ريح صرصر، عاتية، باردة، شديدة الهبوب، تحمل الحصباء فألقتها عليهم، أو أرسل عليهم ملكًا رماهم بها، وهم قوم لوط.