للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كسفه، وهي قطعة من السحاب، أو القطن أو غير ذلك من الأجسام، كما سيأتي.

{فَتَرَى} يا محمد، أو يا من يتأتى منه الرؤية {الْوَدْقَ}؛ أي: المطر {يَخْرُجُ} بالأمر الإلهي {مِنْ خِلَالِهِ}؛ أي: من خلال السحاب ووسطه وفرجه وشقوقه وثقبه في التارتين، قيل (١): السحاب كالغربال، ولولا ذلك .. لأفسد المطر الأرض: روي عن وهب بن منبه: أن الأرض شكت إلى الله عَزَّ وَجَلَّ أيام الطوفان؛ لأن الله تعالى أرسل الماء بغير وزن ولا قيل، فخرج الماء غضبًا لله تعالى، فخدش الأرض وخددها فقالت: يا رب إن الماء خددني وخدشني، فقال الله تعالى فيما بلغني، والله أعلم: إني سأجعل للماء غربالًا، كيلا يخددك ولا يخدشك، فجعل السحاب غربال المطر.

والضمير (٢) في {خِلَالِهِ} الظاهر أنه عائد على السحاب، إذ هو المحدث عنه، وذكر الضمير؛ لأن السحاب اسم جنس، يجوز تذكيره وتأنيثه، قيل: ويحتمل أن يعود على {كسفًا} في قراءة من سكن العين، وقرأ أبو العالية والضحاك: {يخرج من خلله}؛ أي: من ثقبه.

{فَإِذَا أَصَابَ بِهِ}؛ أي: بذلك الودق {مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}؛ أي: أرض من يشاء إصابتها من عباده وبلادهم {إذا} فجائية واقعة في جواب الشرط {هُمْ}؛ أي: عبادة {يَسْتَبْشِرُونَ}؛ أي: يفرحون بذلك المطر،؛ أي: فاجؤوا الاستبشار والفرح بمجيء الخصب، وزوال القحط، لحاجتهم إليه أشد الحاجة.

٤٩ - {وَإِنْ} مخففة من الثقيلة؛ أي: وإن الشأن، وقيل: إن بمعنى قد؛ أي: وقد كانوا، وتكون الجملة حينئذٍ حالًا من فاعل {يَسْتَبْشِرُونَ}، {كَانُوا}؛ أي: أهل المطر {مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ} المطر {مِنْ قَبْلِهِ}؛ أي: من قبل التنزيل، كرره للتأكيد والدلالة على تطاول عهدهم بالمطر، واستحكام يأسهم منه، وقيل: الضمير لإرسال الرياح، أو للسحاب فلا تكرار، {لَمُبْلِسِينَ}؛ أي: آيسين من


(١) روح. البيان.
(٢) البحر المحيط.