إسحاق، والأعرج، وابن عامر، وأبو حيوة مشددًا، من التنجية.
١١ - ثم بيّن سبحانه هذه التجارة التي دل عليها، فقال:{تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}. وهذا (١) كلام مستأنف واقع في جواب سؤال مقدر، فكأنهم قالوا: كيف نعمل، أو ماذا نصنع؛ فقيل:{تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} إلخ. وقدم الأموال على الأنفس لأنها هي التي يبدأ بها في الإنفاق والتجهز إلى الجهاد، أو لأن الإنسان ربما يضن بنفسه أو للترقي من الأدنى إلى الأعلى، أو لأنه إذا كان له مال فإنه يؤخذ به النفس لتغزو. وهذا خبر بمعنى الأمر، جيء به للإيذان بوجوب الامتثال، فكأنه قد وقع فأخبر بوقوعه، كما تقول: غفر الله لهم، ويغفر الله لهم، جعلت المغفرة حاصلة لقوة الرجاء كأنها كانت ووجدت. وقس عليه نحو: سلمكم الله، وعافاكم الله، وأعاذكم الله.
وفي الحديث:"جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم". ومعنى الجهاد بالألسنة: إسماعهم ما يكرهونه ويشق عليهم سماعه، من هجو وكلام غليظ ونحو ذلك. وأخَّرَ الجهاد بالألسنة لأنه أضعف الجهاد وأدناه. ويجوز أن يقال: إن اللسان أحد وأشد تأثيرًا من السيف والسنان. قال علي - رضي الله عنه -:
فيكون من باب الترقي من الأدنى إلى الأعلى. وكان حسان - رضي الله عنه - يجلس على المنبر فيهجو قريشًا بإذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم إن التجارة: التصرف في رأس المال طلبًا للربح، والتاجر هو الذي يبيع ويشتري، وليس في كلام العرب تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة. وأما تجاه: فأصله وجاه، وتجوب، وهي قبيلة من حمير، فالتاء للمضارعة.
قال ابن الشيخ: جعل ذلك تجارة تشبيهًا له في الاشتمال على معنى المبادلة والمعاوضة، طلبًا لنيل الفضل والزيادة، فإن التجارة هي معاوضة المال بالمال لطمع الربح، والإيمان والجهاد شبها بها من حيث إن فيهما بذل النفس والمال طمعًا لنيل رضي الله تعالى والنجاة من عذابه.