للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢٦ - {الْمُلْكُ} (١): مبتدأ {يَوْمَئِذٍ}: ظرفه {الْحَقُّ}: نعته، ومعناه: الثابت؛ لأن كل ملك يزول يومئذ فلا يبقى إلّا ملكه {لِلرَّحْمَنِ}: خبره.

والمعنى (٢): إن السلطة القاهرة والاستيلاء الكلي العام صورة ومعنى بحيث لا زوال له أصلًا ثابت للرحمن يومئذ؛ أي: يوم إذ تشقق السماء بالغمام. وفائدة التقييد أن ثبوت الملك المذكور له تعالى خاصة يوم القيامة، وأما ما عداه من أيام الدنيا، فيكون غيره أيضًا له تصرف صوري في الجملة {وَكَانَ} ذلك اليوم {يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}؛ أي: يومًا شديدًا هوله على الكافرين، وأما على المؤمنين فيكون يسيرًا بفضل الله تعالى، وقد جاء في الحديث: "أنه يهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا"؛ أي: وكان (٣) هذا اليوم مع كون الملك فيه لله وحده شديدًا على الكفار لما يصابون به فيه، وينالهم من العقاب بعد تحقيق الحساب، وأما على المؤمنين فهو يسير غير عسير لما ينالهم فيه من الكرامة والبشرى العظيمة.

والحاصل: أن الكافرين يرون ذلك اليوم عسيرًا عظيمًا من دخول النار وحسرة فوات الجنان بعدما كانوا في اليسير من نعيم الدنيا، وأهل الإيمان والجد والاجتهاد يرون فيه اليسر من نعيم الجنان ولقاء الرحمن بعد أن كانوا في الدنيا راضين بالعسر، تاركين لليسر، موقنين أن مع العسر يسرًا. وقيل للشبلي - رحمه الله تعالى - في الدنيا أشغال، وفي الآخرة أهوال، فمتى النجاة؟ قال: دع أشغالها تأمن من أهوالها، فلله در قوم فرغوا عن طلب الدنيا وشهواتها, ولم يغتروا بجمعها, ولم يلتفتوا إليها، نسأل الله سبحانه وتعالى الوقوف عند الأمر إلى حلول الأجل وانتهاء العمر.

٢٧ - والظرف في قوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} منصوب بمحذوف كسابقه تقديره: واذكر لهم يا محمد لهؤلاء المشركين أهوال يوم يأكل الكافر يديه إلى


(١) النسفي.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.
(٤) الشوكاني.