الذي يكتمونه كائنٌ من ربك، أو للجنس، والمعنى: أنَّ جنس الحق هو ما ثبت أنه من الله تعالى كالذي أنت عليه، لا ما لم يثبت أنه منه كالذي عليه أهل الكتاب، أو خبر مبتدأ محذوف؛ تقديره:{هو}، والضمير عائد على الحق المكتوم؛ أي: مما كتموه هو الحق كائنًا من ربك، ويكون المجرور حينئذٍ في موضع الحال، أو خبرًا بعد خبر، وعلى كل التقادير فالجملة مستأنفة.
وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بالنصب على أنه بدل من {الحق} المكتوم وهي قراءة شاذة، والتقدير: يكتمون الحق من ربك، أو منصوب على الإغراء؛ أي: الزم الحق، أو مفعول لـ {يعلمون}{فَلَا تَكُونَنَّ} يا محمدُ {مِنَ الْمُمْتَرِينَ}؛ أي: من الشَّاكين في أنه الحق من ربك، أو في كتمانهم الحق عالمين به، أو في أن علماء أهل الكتاب علموا صحة نبوءتك وشريعتك. وعلى الأول فالخطاب مع الرسول، والمراد به الأمة؛ أي: لا يكن أحد من أمته من الممترين في ذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يشك في كون ذلك هو الحق من الله سبحانه وتعالى.
وقال أبو العالية (١): يقول الله سبحانه لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: فلا تكونن - يا محمد - في شكٍّ أن الكعبة هي قبلتك، وكانت قبلة الأنبياء من قبلك.
١٤٨ - {وَلِكُلٍّ} بحذفِ المضاف إليه؛ لدلالة التنوين عليه؛ أي: ولكل أهل دينٍ سواء كان بحقٍ أو بباطلٍ {وِجْهَةٌ}؛ أي: جهة وقبلة يستقبلها؛ أي: أنهم لا يتبعون قبلتك، وأنت لا تتبع قبلتهم. والضمير في قوله:{هُوَ مُوَلِّيهَا} راجعٌ إلى لفظ {كل}، و (الهاء) في قوله: {مُوَلِّيهَا} عائد على الـ {وجهة} وهو المفعول الأول. والمفعول الثاني محذوفٌ؛ تقديره: موليها وجهه. والمعنى: أن لكل صاحب ملة قبلةً، صاحبُ تلك القبلة موليها وجهه، أو المعنى ولكل قومٍ من المسلمين جهة من الكعبة يصلي إليها، جنوبية أو شمالية، أو شرقية أو غربية، إذا كان الكلام في المسلمين. ويحتمل أن يكون الضمير في قوله:{هُوَ مُوَلِّيهَا} عائدًا على الله سبحانه، وإن لم يسبق له ذكر لعلمه من السياق؛ إذ من المعلوم أن الله