للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رُسُلِنا}؛ أي: عادةً كعادتنا فيهم، فسنة الله تعالى فيهم أن يهلك كلّ أمة أخرجت رسولهم من بين أظهرهم، فالسنة لله تعالى، وإضافتها إلى الرسل؛ لأنها سنّت لأجلهم كما يدلّ عليه قوله: {وَلا تَجِدُ} يا محمد {لِسُنَّتِنا}؛ أي: لعادتنا بإهلاك مخرجي الرسل من بينهم {تَحْوِيلًا}؛ أي تغييرًا عما كانت عليه أوّلا؛ فإن ما أجرى الله به العادة لا يمكن لأحد سواه أن يغيره، ولا أن يحوله.

والمعنى (١): أي هكذا عادتنا في الذين كفروا برسلنا، وآذوهم بخروج الرسول من بين أظهرهم، أن يأتيهم العذاب، ولولا أنه - صلى الله عليه وسلم - رسول الرحمة، لجاءهم من النّقم ما لا قبل لهم به، ومن ثم قال تعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} الآية.

٧٨ - ولما ذكر سبحانه الإلهيات المعاد والجزاء .. أردفها بذكر أشرف الطاعات، وهي الصلاة فقال: {أَقِمِ الصَّلاةَ} يا محمد؛ أي: أدّ الصّلاة المفروضة عليك، وعلى أمتك {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}؛ أي: بعد دلوك الشمس، وزوالها {إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ}؛ أي: إلى ظلمة الليل، ويشمل ذلك الصلوات الأربع: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء {وَ} أقم {قُرْآنَ الْفَجْرِ}؛ أي: صلاة الصبح بالنصب عطفا على مفعول، أقم، أو على الإغراء، أي إلزم، وسميت قرآنًا؛ لأنه ركنها كما تسمى ركوعًا وسجودًا، فالآية تدل على تفسير الدلوك بالزوال جامعة للصلوات الخمس.

وقد اختلف العلماء في الدلوك المذكور في هذه الآية على قولين (٢):

أحدهما: أنه زوال الشمس عن كبد السماء، قاله عمر، وابنه، وأبو هريرة، وأبو برزة، وابن عباس، والحسن، والشعبي، وعطاء، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وأبو جعفر الباقر، واختاره ابن جرير.

والقول الثاني: أنه غروب الشمس، قاله علي، وابن مسعود، وأبيّ بن كعب، وروي عن ابن عباس.


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.