عباس في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦)} قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعالج من التنزيل شدّةً، وكان مما يحرك شفتيه، فقال ابن عباس: فأنا أحركها لكم كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحركهما، وقال سعيد: أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرّك شفتيه. فأنزل الله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧)}، قال: جمعه له في صدره ويقرؤه، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قرأه. والحديث أخرجه مسلم والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي، وأحمد، وغيرهم.
قوله تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥) ...} الآيات، سبب نزولها: ما أخرجه النسائي بسنده عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)} أشيءٌ قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبل نفسه أم أمره الله به؟ قال: بل قاله رسول الله لأبي جهل من قبل نفسه، ثم أنزله الله عَزَّ وَجَلَّ. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال: لما نزلت {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)} قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم يخبركم ابن أبي كبشة أن خزنة جهنم تسعة عشر وأنتم الدهم، أفيعجز كلّ عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم؛ فأوحى الله تعالى إلى رسوله أن يأتي أبا جهل فيقول له: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)}.
التفسير وأوجه القراءة
١ - {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١)} {لا} صلة (١) لتوكيد القسم، وما كان لتوكيد مدخوله لا يدل على النفي، وإن كان في الأصل للنفي، قال الشاعر:
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِيْ صَبَابَةٌ ... وَكَادَ ضَمِيْرُ الْقَلْبِ لا يَتَقَطَّعُ
أي: يتقطع. وزيادتها في كلام العرب كثير كما في قوله تعالى:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} يعني: أن تسجد. وقوله:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}. وقيل: هي للنفي لكن لا لنفي نفس الإقسام بل لنفي ما ينبىء هو عنه من إعظامه المقسم به وتفخيمه، كأن معنى لا أقسم بكذا لا أعظمه بإقسامي به حق إعظام، فإنه حقيق بأكثر من ذلك