للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)}.

{فَإِنْ تَوَلَّوْا} وأعرضتم عن اتباع أمرهما ونهيهما {فَاعْلَمُوا} أن الحجة قد قامت عليكم، وانقطعت بكم الأعذار، واستوجبتم السخط، واستحققتم العقاب؛ لأنه {أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا} محمد - صلى الله عليه وسلم - {الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}؛ أي: التبليغ من الله إليكم البلاغ المبين؛ أي: الواضح بلغة تعلمونها، والرسول قد خرج من عهدة التبليغ كمال الخروج، وما بقي بعد ذلك إلا العقاب؛ أي: فاعلموا أنكم لم تضروا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتوليكم، فإنما عليه البلاغ، وقد أدى ما عليه، وإنما ضررتم به أنفسكم، وفي هذا تهديد أكيد، ووعيد شديد لمن خالف أوامر الله وفعل نواهيه.

٩٣ - ولما قال ناس من الصحابة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حرمت الخمر والميسر: كيف حال إخواننا الذين ماتوا، وهم يشربون الخمر، ويلعبون بالميسر .. أنزل الله فيهم قوله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله وبالقران {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ أي: وعملوا الأعمال الصالحة فيما بينهم وبين ربهم؛ سواء كانوا من الأحياء أو الأموات {جُنَاحٌ}؛ أي: إثم ومؤاخذة {فِيمَا طَعِمُوا}؛ أي: فيما أكلوا من مال الميسر، أو شربوا من الخمر فيما مضى قبل تحريمهما وتحريم غيرهما مما لم يكن محرمًا أولًا ثم حُرِّم. {إِذَا مَا اتَّقَوْا}؛ أي: إذا امتثلوا أوامر الله واجتنبوا نواهيه {وَآمَنُوا} بما كان قد نزل من الأحكام {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} التي كانت قد شرعت كالصلاة والصيام وغيرهما {ثُمَّ اتَّقَوْا} ما حرم عليهم بعد ذلك عند العلم به {وَآمَنُوا} بما نزل فيه وفي غيره {ثُمَّ اتَّقَوْا}؛ أي: استمروا على التقوى بامتثال جميع المأمورات واجتناب جميع المنهيات {وَأَحْسَنُوا}؛ صالح أعمالهم، فأتوا بها على وجه الكمال، وتمموا نقص فرائضها بنوافل الطاعات، وأخلصوها لله تعالى {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} لأعمالهم، والمخلصين لها لوجهه؛ أي: يثيبهم على إخلاصهم، فلا يبقى في قلوبهم أثر من الآثار السيئة التي وصف بها الخمر والميسر من الإيقاع في العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة.

والخلاصة: أن مَن صحَّ إيمانه، وصلح عمله، وعمل في كل حين نصوص