قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير عن عكرمة قال: كان الحارث بن يزيد من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل، ثم خرج الحارث مهاجرًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر، ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فنزلت {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ...} الآية، فقرأها النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال له: قم فحرر.
قوله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير من طريق بن جريج عن عكرمة: أن رجلًا من الأنصار قتل أخا مقيس بن صبابة، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - الدية فقبلها، ثم وثب على قاتل أخيه فقتله، ولحق بمكة بعد ذلك وارتد عن الإِسلام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا أؤمنه في حل ولا حرم، فقتل يوم الفتح، قال ابن جريج: وفيه نزلت هذه الآية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ...} الآية.
التفسير وأوجه القراءة
٨٨ - {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ}؛ أي: فأيُّ شيء ثبت لكم يا معشر المؤمنين حتى تفرقتم في شأن المنافقين، وصرتم في أمرهم {فِئَتَيْنِ}؛ أي: فرقتين، فرقة ترى أنهم يعدون من الأولياء، ويستعان بهم على سائر المشركين المجاهرين لهم بالعداوة والكفر، وفرقة ترى أن يعاملوا كما يعامل غيرهم من المشركين المعلنين العداوة، {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ}؛ أي: والحال أن الله سبحانه وتعالى قد أركسهم وصرفهم وردهم عن الحق الذي أنتم عليه من الإيمان والجهاد في سبيل الله، {بِمَا كَسَبُوا}؛ أي: بسبب ما اقترفوا من أعمال الشرك والنفاق، واجترحوا من المعاصي، حتى إنهم لا ينظرون إليكم نظرة المودة والإخاء، بل نظرة العداوة والبغضاء، ويتربصون بكم الدوائر، {أَتُرِيدُونَ} أيها المؤمنون {أَنْ تَهْدُوا} وترشدوا إلى طريق الحق {مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}؛ أي: من أراد الله تعالى إضلاله وغوايته؛ أي: أتقولون هؤلاء مهتدون والله تعالى أضلهم، وهذا خطاب للفئة التي دافع عن المنافقين، والمراد بالهداية المنفية خلق الهداية في الخلق، وأما الهداية بمعنى الإرشاد والتبيين فهي للرسل، والاستفهام في الموضعين للإنكار مع