للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فأسلموا، وأصابهم وباء المدينة وحُمَّاها فأركسوا، وخرجوا من المدينة، فاستقبلهم نفر من الصحابة، فقالوا لهم: ما لكم رجعتم، قالوا: أصابنا وباء المدينة، فقالوا: أما لكم في رسول الله أسوة حسنة، فقال بعضهم: نافقوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا، فأنزل الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ ...} الآية، في إسناده تدليس وانقطاع.

وروى (١) ابن جرير عن ابن عباس: أنها نزلت في قوم أظهروا الإِسلام بمكة، وكانوا يعينون المشركين على المسلمين، فاختلف المسلمون في شأنهم وتشاجروا فنزلت الآية.

قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم (٢) وابن مردويه عن الحسن: أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال: لما ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل بدر وأُحد وأسلم من حولهم، قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج، فأتيته فقلت: أنشدك النعمة، بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي، وأنا أريد أن توادعهم، فإن أسلم قومك .. أسلموا ودخلوا في الإِسلام، وإن لم يسلموا .. لم يحسن تغليب قومك عليهم، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيد خالد فقال: "اذهب معه فافعل ما يريد"، فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن أسلمت قريش أسلموا معهم، وأنزل الله عز وجل: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} وكان من وصل إليهم كان معهم على عهدهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: نزلت {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} في هلال بن عويمر الأسلمي، وسراقة بن مالك المدلجي، وفي بني جذيمة بن عامر بن عبد مناف، وأخرج أيضًا عن مجاهد أنها نزلت في هلال بن عويمر الأسلمي، وكان بينه وبين المسلمين عهد، وقصده ناس من قومه فكره أن يقاتل المسلمين، وكره أن يقاتل قومه.


(١) المراغي.
(٢) لباب النقول.