للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله (١) سبحانه وتعالى لما بين أحكام قتال المنافقين، الذين يظهرون الإِسلام خداعًا، ويسرون الكفر، ويساعدون أهله على قتال المؤمنين، والذين يعاهدون المسلمين على السلم، ويحالفونهم على الولاء والنصر، ثم يغدرون ويكونون عونًا لأعدائهم عليهم .. ذكر هنا قتل من لا يحل قتله من المؤمنين والمعاهدين والذميين، وما يقع منهم من ذلك عمدًا أو خطأ. قال أبو حيان: ومناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لما رغب في مقاتلة الكفار .. ذكر بعد ذلك ما يتعلق بالمحاربة، ومنها: أن يظن رجلًا حربيًّا فيقتله وهو مسلم، انتهى.

أسباب النزول

قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ ...} الآية، سبب نزولها (٢): ما رواه الشيخان وغيرهما عن زيد بن ثابت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أحد، فرجع ناس خرجوا معه، فكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم فرقتين، فرقة تقول: نقتلهم، وفرقة تقول: لا، فأنزل الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}.

وأخرج (٣) سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن سعد بن معاذ قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فقال: "من لي بمن يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني"، فقال سعد بن معاذ: إن كان من الأوس .. قتلناه، وإن كان من إخواننا من الخزرج .. أمرتنا فأطعناك، فقام سعد بن عبادة فقال: ما بك يا ابن معاذ طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد عرفت ما هو منك، فقام أسيد بن حضير فقال: إنك يا ابن عبادة منافق، وتحب المنافقين، فقام محمَّد بن مسلمة فقال: اسكتوا يا أيها الناس فإن فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يأمرنا فننفذ أمره، فأنزل الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ ...} الآية.

وأخرج (٤) أحمد عن عبد الرحمن بن عوف: أن قومًا من العرب أتوا


(١) المراغي.
(٢) لباب النقول.
(٣) لباب النقول.
(٤) لباب النقول.