للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفظيع {بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}؛ أي: بسبب عصيانهم ومخالفتهم أمر الله تعالى وبسبب اعتدائهم، ومجاوزتهم الحد وتماديهم في العصيان ومبالغتهم فيه.

٧٩ - ثم فسر الاعتداء والمعصية فقال تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ}؛ أي: كان بنوا إسرائيل لا ينهى بعضهم بعضًا {عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ}؛ أي: أرادوا فعله، وقيل: معناه لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه، ولا عن الإصرار عليه، والمعنى (١) أي: كانوا لا يمتنعون عن معاودة منكر فعلوه، ولا يتركونه، ولا يصدر من بعضهم نهي لبعض عن منكر أرادوا فعله. روى ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من رضي عمل قوم .. فهو منهم، ومن كثر سواد قوم .. فهو منهم". وفي أبي السعود: وليس (٢) المراد بالتناهي أن ينهى كل واحد منهم الآخر عما يفعله من المنكر، كما هو المعنى المشهور لصيغة التفاعل، بل المراد مجرد صدور النهي من أشخاص متعددة، من غير اعتبار أنْ يكون كل واحد منهم ناهيًا ومنهيًّا، كما في تراؤوا الهلال. انتهى. وعزتي وجلالي {لَبِئْسَ} وقبح {مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} من ارتكاب المعاصي والعدوان، والمخصوص بالذم فعلهم هذا، وهو الإصرار على منكر فعلوه وترك النهي عنه.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أول ما دخل النقص علي بني إسرائيل أن كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض" ثم قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} إلى قوله: {فَاسِقُونَ} ثم قال: "كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ثم لتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه - لتعطفنه وتردنه - على الحق أطرًا - عطفًا وردًّا - ولتقسرنه على الحق قسرا". زاد في رواية: "أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم". أخرجه أبو داود. والقسر: القهر والإجبار. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم القواعد الإِسلامية،


(١) المراح.
(٢) أبو السعود.