للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

طرق المواصلات الآن تدفع هذه الضرورة.

{ذَلِكَ}؛ أي: إيتاء الحق وإخراجه من المال {خَيْرٌ} من الإمساك {لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} تعالى؛ أي: يقصدون بمعروفهم إياه تعالى، خالصًا، فيكون الوجه (١) بمعنى الذات، أو جهة التقرب إليه، لا جهة أخرى من الأغراض والأعواض فيكون بمعنى الجهة {وَأُولَئِكَ} المعطون حقوق من ذكر، لمن ذكر، لوجه الله تعالى، وطلب رضاه سبحانه {هُمُ الْمُفْلِحُونَ}؛ أي: الفائزون بالمطلوب في الآخرة، حيث حصلوا بما بسط لهم النعيم المقيم.

والمعنى: لهم في الدنيا خير، وهو البركة في أموالهم؛ لأن إخراج الزكاة يزيد في المال، وفي الآخرة خير، وهو الجزاء الجميل، والثواب الجزيل على إخراجهم المال لطاعة الله تعالى.

ومعنى الآية (٢): أي ذلك الإعطاء لمن تقدم ذكرهم من فعل الخير الذي يتقبله الله تعالى، ويرضى عن فاعليه، ويعطيهم جزيل الثواب، وأولئك قد ربحوا في صفقتهم، فأعطوا ما يغني، وحصلوا على ما يبقى من النعيم المقيم، والخير العميم، وإنما كان هذا العمل خيرًا لما فيه من تكافل الأسرة الخاصة، وتعاونها في السراء والضراء، وتعاون الأسرة العامة، وهي الأمة الإِسلامية جمعاء، كما جاء في الحديث: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا"، ولا يخفى ما لذلك من أثرِ في تولد المحبة والمودة، وفي التكاتف لدفع عوادي الأيام، ومحن الزمان.

٣٩ - ثم ذكر سبحانه وتعالى من يتصرف في ماله على غير الجهة المرضية فقال: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} أي: وما أعطيتم من عطية خالية من العوض، أو ما (٣) أعطيتم من زيادةٍ محرمة في المعاملة، أو عطية يتوقع بها مزيد مكافأة {لِيَرْبُوَ}؛ أي: ليزيد لكم ذلك المعطى، ويتسبب لكم {فِي أَمْوَالِ النَّاسِ}؛ أي: في أخذكم


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) البيضاوي.