للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من أموال الناس؛ أي: ليحصل لكم شيئًا أكثر منه، بأن تعطوا شيئًا وتطلبوا ما هو أفضل منه {فَلَا يَرْبُو} ذلك المعطى ولا يزيد لكم {عِنْدَ اللَّهِ} سبحانه فائدةً، ولا يبارك الله لكم فيه، فليس لكم فيه أجر، وليس عليكم فيه إثم إن كانت في غير المعاملة؛ أي: وما أعطيتم من عطية بلا مقابل ليربح لكم في أموال الناس، بتحصيل مكافأةٍ زائدةٍ عليه .. فلا يربح لكم عند الله سبحانه، فليس لكم عليه أجر.

وقيل: الآية في الرجل، يعطي صديقه أو قريبه، ليكثر ماله لا يريد به وجه الله، وقيل: هو الرجل يلتزق بالرجل، فيخدمه ويسافر معه، فيجعل له ربح ماله، لالتماس عونه، لا لوجه الله تعالى، فلا يربو عند الله تعالى؛ لأنه لم يرد بعمله وجه الله تعالى.

قرأ الجمهور (١): {آتَيْتُمْ} بالمد، بمعنى أعطيتم، وقرأ مجاهد، وحميد، وابن كثير: {أتيتم} بالقصر، بمعنى: ما فعلتم على وجه الإعطاء، فهي راجعة إلى قراءة المد، وأجمعوا على القراءة بالمد في قوله الآتي: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ}. {من ربوا} كتب (٢) بالواو للتفخيم على لغة من يفخم في أمثاله من الصلاة والزكاة، أو للتنبيه على أصله؛ لأنه من ربا يربو: إذا زاد، وزيدت الألف تشبيهًا بواو الجمع، وقرأ الجمهور: {ليربو} بالياء وإسناد الفعل إلى الربا، وقرأ ابن عباس، والحسن، وقتادة، وأبو رجاء، والشعبي، ونافع، وأبو حيوة: بالتاء مضمومةً {لتربوا} وإسناد الفعل إليهم؛ أي: لتأخذوا الربا من أموال الناس، أو لتكونوا ذوي زيادات، وقرأ أبو مالك: {ليربوها} بضمير المؤنث.

والربا لغةً: مطلق الزيادة، وشرعًا: عقد مخصوص، مشتمل على الزيادة في المقدار، بأن يباع أحد مطعوم بمطعوم، أو نقدٍ بنقد بأكثر منه من جنسه، ويقال له: ربا الفضل، أو في الأجل بأن يباع أحدهما إلى أجل، ويقال له: ربا النساء، وكلاهما محرم، والمعنى عليه: وما أعطيتم من زيادة خالية من العوض عند


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.