محنُ الزَّمان كثيرةٌ لا تنقضيْ ... وسرورهُ يأْتيك كالأَعياد
ومعنى الآية: أي ومن آيات قدرته تعالى الدالة على إمكان البعث والحشر والنشر، وعلى قدرته على فعل كل ما يشاء: الليل ينزع عنه النهار، فتأتي الظلمة، ويذهب النهار. فإذا الخلق قد صاروا في ظلمة بمجيء الليل، الذي كان الضياء ساترًا له. وفي الضياء سرور، ولذة، وراحة للنفس، وسعي على الرزق. وفي زواله وحشة، وانقباض تشعر بألمه النفوس، كما أن فيه تركًا للعمل الذي به قوام الحياة. ومن ثم جعل الآية ظهور الليل، ولم يجعلها مجيء النهار، والآية تحصل بكل منهما.
والخلاصة: أن تعاقب الليل والنهار على ظهر البسيطة، من أكبر الأدلة على قدرة المولى سبحانه، وفيه عبرة لمن يعي ويفهم. وإن البعث والنشور من أيسر الأمور عليه سبحانه.
٣٨ - وقوله:{وَالشَّمْسُ} معطوف على الليل؛ أي: وآية لهم الشمس المضيئة المشرقة على صحائف الكائنات، كأنه قيل: كيف كانت آية؟ فقيل: هي تجري أو حال كونها جارية، وسائرة إلى مستقر لها. ويجوز أن تكون الواو ابتدائية، {وَالشَّمْسُ} مبتدأ، وما بعدها الخبر، ويكون الكلام مستأنفًا مشتملًا على ذكر آية مستقلة. وقوله: لمستقر لها فيه وجوه:
الأول: أن الكلام في {لِمُسْتَقَرٍّ} للتعليل، والمستقر: اسم مكان؛ أي: تجري لبلوغ مستقر وحد معين، ينتهي إليه دورها في آخر السنة. فشبه بمستقر المسافر إذا قطع سيره.
والثاني: أن اللام بمعنى إلى، والمستقر كبد السماء؛ أي: وسطها، والمعنى: تجري إلى أن تبلغ إلى وسط السماء، وتستقر فيه. شُبه بطء حركتها فيه بالوقفة والاستقرار، وإلا فلا استقرار لها حقيقةً. كما قال في «المفردات» الزوال يقال في شيء قد كان ثابتًا، ومعلوم أن لا ثبات للشمس، فكيف يقال