للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنه عمير بن الحمام، وأنَّ السُدِّي صَحَّفه.

التفسير وأوجه القراءة

١٥١ - والكاف في قوله: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ} التشبيه المستفاد منها؛ إما عائد (١) إلى ما قبلها، والتقدير: ولأتم نعمتي عليكم في أمر القبلة، أو في الآخرة كما أتممتها عليكم في الدنيا بإرسال رسول من جنسكم ونسبكم فيكم يا معشر العرب، قاله الفراء، ورجّحه ابن عطيه، أو عائد إلى ما بعدها، والتقدير: فاذكروني بالطاعة كما ذكرتكم بإرسال رسولٍ منكم فيكم أذكركم بالثواب والمغفرة، قاله الزجاج. والخطاب (٢) في الآية لأهلِ مكة ولجميع العرب، وفي إرساله رسولًا منهم نعمة عظيمة عليهم؛ لما فيه من الشرف لهم، ولأن المعروف من حال العرب الأنفة الشديدة من الانقياد للغير، فكان بعثه الرسول منهم وفيهم أقرب إلى قبولِ قوله والانقياد له.

والمعنى: كما أرسلنا فيكم يا معشر العرب رسولًا فيكم محمدًا - صلى الله عليه وسلم -. {يَتْلُو}: أي يقرأ {عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا} القرآنية المشتملة على الأوامر والنواهي؛ لتتعبدوا بتلاوتها، وهي من أعظم النعم؛ لأنها معجزة باقية مستمرة على ممر الدهور، وفي هذا احتجاج عليهم؛ لأنهم عرفوا أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، فلما قرأ عليهم القرآن تبين صدقه في النبوة {وَيُزَكِّيكُمْ}؛ أي: يطهركم من دنس الشرك والمعاصي بالتوحيد والطاعات والصدقات، وقيل: معناه يحملكم على ما إذا فعلتموه صرتم أزكياء مثل محاسن الأخلاق ومكارم الأفعال، وقدّمه (٣) هنا باعتبار القصد، وأخره في دعوة إبراهيم عليه السلام باعتبار الفعل. {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ}؛ أي: يفهمكم معاني القرآن وأحكامه لتعملوا بها، فالتعليم غير التلاوة، فليس بتكرار. {وَ} يعلمكم {الحكمة}؛ أي: السنة والفقه في الدين. {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}؛ أي: يعلمكم أمورًا لم تكونوا عالمين بها قبل بعثه - صلى الله عليه وسلم - من


(١) لباب النقول.
(٢) بيضاوي وشوكاني.
(٣) خازن.