للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ (١) الجمهور: {وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ} بفتح الراء فيهما، ووجه على أنه عطف على ذرة أو على مثقال على اللفظ. وقرأ حمزة ويعقوب من العشرة برفع الراء فيهما ووجه على أنه عطف على موضع مثقال لأن من زائدة فهو مرفوع بيعزب.

٦٢ - ثم لما بين سبحانه إحاطته بجميع الأشياء وكان في ذلك تقوية لقلوب المطيعين وكرّ لقلوب العاصين ذكر حال المطيعين فقال: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ ...} إلخ، وكلمة ألا في قوله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} حرف تنبيه؛ أي: انتبهوا أيها المخاطبون إن أولياء الله الذين يتولونه بإخلاص العبادة له وحده، والتوكل عليه، ولا يتخذون له أندادًا يحبونهم كحبه، ولا يتخذون من دونه وليًّا ولا شفيعًا يقربهم إليه زلفى {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} في الدارين من لحوق مكروه {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} من فوات مطلوب. والمراد (٢) بـ {أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} خلص المؤمنين، كأنهم قربوا من الله سبحانه بطاعته واجتناب معاصيه؛ أي: لا خوف عليهم في الآخرة: مما يخاف منه الكفار والفساق والظالمون، من أهوال الموقف، وعذاب الآخرة، كما قال تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} ولا هم يحزنون من لحوق مكروه أو ذهاب محبوب، ولا يعتريهم ذلك فيها؛ لأن مقصدهم نيل رضوان الله المستتبع للكرامة والزلفى، ولا ريب في حصول ذلك ولا خوف من فواته بموجب الوعد الإلهي. وكذلك في الدنيا لا يخافون مما يخاف منه غيرهم من الكفار، وضعفاء الإيمان، وعبيد الدنيا، من مكروه يتوقع، كما قال تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إن كُنْتُم مُؤمِنينَ}.

٦٣ - وقد فسر سبحانه هؤلاء الأولياء بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا} بكل ما جاء من عند الله تعالى {وَكَانُوا يَتَّقُونَ} الله، سبحانه وتعالى، بامتثال المأمورات، واجتناب المنهيات.


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.