٥٤ - ثم زاد في التعجيب من جهلم بقوله:{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} في الدنيا، كرره للتأكيد، أو ذكره أولًا إخبارًا عنهم، وثانيًا تعجيبًا منهم. اهـ. "كرخي"؛ أي: يطلبون منك يا محمد إيقاع العذاب ناجزًا في غير ميقاته، ويلحون في ذلك، ولو علموا ما هم صائرون إليه .. لتمنوا أنهم لم يخلقوا، فضلًا عن أن يستعجلوا، ولأعملوا جميع جهدهم في الخلاص منه.
ثم بين السبب في جهلم وحمقهم فقال:{وَإِنَّ جَهَنَّمَ}؛ أي: والحال أن محل العذاب الذي لا عذاب فوقه {لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} المستعجلين للعذاب يوم القيامة، أي: سيحيط بهم عن قريب؛ لأن ما هو آت قريب.
قال في "الإرشاد": وإنما جيء بالاسمية دلالةً على تحقق الإحاطة واستمرارها، وتنزيلًا لحال السبب منزلة المسبب، فإن الكفر والمعاصي الموجبة لدخول جهنم محيطة بهم. انتهى.
وقال بعضهم: إن الكفر والمعاصي هي النار في الحقيقة، ظهرت في هذه النشأة بهذه الصورة.
والمعنى عليه (١): هي كالمحيطة بهم الآن، لإحاطة الكفر والمعاصي التي توجبها بهم.
واللام: في قوله: {بِالْكَافِرِينَ} للعهد على وضع الظاهر موضع المضمر، للدلالة على موجب الإحاطة، أو للجنس، فيكون استدلالًا بحكم الجنس على حكمهم.
٥٥ - قوله:{يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ} ظرف لقوله: محيطة، كما في "السمين" أو ظرف لمحذوف، تقديره: يوم يعلوهم العذاب الذي أشير إليه بإحاطة جهنم بهم ويسترهم {مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}. والمراد: من جميع جهاتهم يكون من الأحوال والأهوال ما لا يفي به المقال.