للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٣ - أن يقوم أبناء الحرف المختلفة، من تجّار وصنّاع وزرّاع، بأداء أعمالهم على الوجه المرضي، وكل طائفة منها تظاهر الطوائف الأخرى، وتعاونها لخير الجميع، وتقوم بما يجب نحوها، من المساعدة فيما يكفل نجاح الجميع.

٤ - أن تنظم هذه الطوائف أعمالها، بحيث تتوزع هذه المهن بين الأفراد، بحسب حاجة الأمة إليها، حتى لا تمد يدها إلى غيرها لمعونتا، ويكون في كل طائفة جماعة، مبرزون يفكرون فيما يرقى بشؤون الطائفة، بحيث تنافس أمثالها في الأمم الأخرى، أو تفوقها بما أوتيت، من حسن التدبير والتصرف.

وهذا (١): حكم أيّدته التجارب في سائر العصور، لدى جميع الدول، فما من أمة تهاونت في هذه الأمور، أو في شيء منها إلّا حكم عليها بالفناء والزوال، وتواريخ الفرس والروم والأمم الإسلامية والدولة التركية تدل على صدق ما نقول.

ونحو الآية قوله تعالى: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ}.

١٠٦ - {إِنَّ فِي هَذَا} المذكور في هذه السورة (٢)، من البراهين الدالة على التوحيد، وصحة النبوة والوعد والوعيد والمواعظ البالغة {لَبَلَاغًا} أي: لكفاية {لِقَوْمٍ عَابِدِينَ}؛ أي عاملين بعلومهم، مشغولين بعبادة الله، مهتمّين بها، لا يعبدون أحدًا من دون الله تعالى. وقيل: المعنى إن في هذا المقرآن المنزل عليك لبلاغًا؛ أي: لوصولا إلى البغية، يعني من اتبع القرآن، وعمل بما فيه وصل إلى ما يرجو من الثواب، وهم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، أهل الصلوات الخمس وشهر رمضان والحج. والمعنى: أن من اتبع القرآن، وعمل به كان القرآن بلاغه إلى الجنة. وقيل: المعنى {إِنَّ فِي هَذَا}؛ أي (٣): إن فيما ذكر في هذه السورة، من أنظمة


(١) المراغي.
(٢) المراح.
(٣) المراغي.