للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المعنى: ذلك التصغير لهم، وجزاؤهم جهنم، فأضمرت واو الحال، ذكره ابن الجوزي {بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي} الدالة على وحدانيتي {وَرُسُلِي} المؤيدين بالمعجزات {هُزُوًا}؛ أي: مهزوءاً بها؛ أي: جزاؤهم (١) جهنم بسبب كفرهم وإنكارهم لما يجب إيمانهم وإقرارهم به، واتخاذهم القرآن وغيره من الكتب الإلهية ورسل الله وأنبيائه سخرية واستهزاء، وهذا من قبيل الوصف بالمصدر للمبالغة، يعني: أنهم بالغوا في الاستهزاء بآيات الله ورسله، فكأنهم جعلوها وإياهم عين الاستهزاء، أو المعنى مهزوءاً بهما كما مر، أو مكان هزء

١٠٧ - ثم ذكر سبحانه بعد هذا الوعيد لهؤلاء الكفار، الوعد للمؤمنين فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} بآيات ربهم ولقائه في الدنيا {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} من الأعمال وهي ما كانت خالصةً لوجه الله تعالى {كَانَتْ لَهُمْ} في علم الله تعالى في الأزل، وإنما قدرنا ذلك جوابًا عما يقال المقام للمضارع، فما وجه المعنى هنا؟

وحاصل الجواب: أن الكينونة المذكورة بحسب علم الله الأزلي وإن كانت الكينونة المقارنة بالدخول ستحصل، ذكره في "الفتوحات" {جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ}؛ أي: ثمار بساتين الفردوس {نُزُلًا} معدًا لهم مبالغةً في إكرامهم حالة كونهم

١٠٨ - {خَالِدِينَ فِيهَا}؛ أي: مقدرين الخلود في تلك الجنات حالة كونهم {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} مصدر كالصغر؛ أي: لا يطلبون تحولاً وانتقالاً عنها إلى غيرها، كما ينتقل الرجل في الدنيا من دار إذا لم توافقه إلى دار، إذ لا مزيد عليها وفيها كل المطالب، والمراد بنفي التحويل تأكيد الخلود، والفردوس (٢): ربوة خضراء في الجنة أعلاها وأحسنها، يقال: لها سرة الجنة، وفي حديث (٣) عبادة: "الفردوس أعلاها"؛ يعني: أعلى الجنة، قال قتادة: وربوتها ومنها تفجر أنهار الجنة، قال أبو هريرة: جبل تتفجر منه أنهار الجنة، وفي حديث أبي أمامة "الفردوس سرة الجنة" قال المبرد: الفردوس فيما سمعت من كلام العرب: الشجر الملتف، والأغلب عليه العنب، وقال مجاهد: الفردوس البستان باللغة الرومية، واختار


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.