للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرىء {إِنَّهُمْ} بكسر الهمزة، فيكون الكلام قد تم عند قوله: {أَهْلَكْنَاهَا} ويقدر حينئذٍ مبتدأ مؤخر، ويكون {حرام} خبرًا مقدمًا له، والمعنى: وحرام على أهل قرية قدّرنا إهلاكهم لكفرهم عمل صالح، ينجون به من الإهلاك، ثم أكد ذلك وعلّله بقوله: إنهم لا يرجعون عن الكفر، فكيف لا يمتنع ذلك. وقراءة الجمهور بالفتح تصح على هذا المعنى، وتكون {لا} نافية على بابها، والتقدير لأنهم لا يرجعون.

٩٦ - و {حَتَّى} في قوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} ليست بحرف جر، ولا حرف عطف، بل هي حرف يبتدأ بعدها الكلام، غاية لما يدل عليه ما قبلها، كأنه قيل: يستمرون على ما هم عليه من الهلاك، حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا، ويقولون: {يَا وَيْلَنَا} إلخ، أو لا يرجعون عن الكفر، حتى إذا قامت القيامة، يرجعون عنه حين لا ينفعهم الرجوع. و {إِذَا} شرطية جوابها قوله الآتي. {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ}. وقيل: جوابها محذوف تقديره: يرجعون إلينا ويقولون: يا ويلنا كما قدّرناه آنفًا. وقوله: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ} معطوف على الجواب المحذوف. ويأجوج ومأجوج قبيلتان من الإنس، يقال: الناس عشرة أجزاء، تسعة منها يأجوج ومأجوج. والمراد بفتحهما فتح سدهما، فهو على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، وقد سبقت قصة يأجوج ومأجوج وبناء السد عليهم وفتحه في آخر الزمان في سورة الكهف. والتقدير: حتى إذا فتح سدّ يأجوج ومأجوج {وَهُمْ}؛ أي: والحال أن يأجوج ومأجوج {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ} أي إلى كل مكان مرتفع من الأرض {يَنْسِلُونَ}؛ أي: يسرعون المشي إليه لينزلوا فيه، ويظهروا فيه، ويتفرقون في الأرض، وينتشرون فيها. قال ابن عباس: من كل شرف يقبلون، أي: لكثرتهم ينسلون من كل ناحية. روى أنهم يسيرون في الأرض، ويقبلون على الناس من كل موضع مرتفع والحدب المكان المرتفع، والنسلان مقاربة الخطو من الإسراع. وقرأ ابن مسعود (١)، وابن عباس: {من كل جدث} بالجيم والثاء المثلثة، وهو القبر. وقرأ الجمهور: {يَنْسِلُونَ} بكسر السين. وابن


(١) البحر المحيط.