اللَّيْلَ}. وفي الحديث:"يا عبد الله لا تَكَنُ مثلَ فلان كان يقوم الليل فتركه إلى غير ذلك".
١١٤ - وذكر الرابع والخامس بقوله:{يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}؛ أي: يؤمنون إيمان إذعانٍ بهما على الوجه المقبول عند الله، ومن ثمراتِ ذلك الخشية والخضوع والاستعداد لذلك اليوم لا إيمانًا لا حظَّ لصاحبه منه إلا الغرور والدعوى، كما هو حال سائر اليهود؛ إذ يؤمنون بالله واليوم الآخر لكنه إيمان هو والعدم سواءٌ، لأنهم يقولون: عزيرُ ابن الله، ويكفرون ببعض الرسل، ويصفون اليوم الآخر بخلاف صفته.
ولمَّا كان كمال الإنسان أن يعرف الحق لذاته، والخير للعمل به، وكان أفضل الأعمال الصلاة، وأفضل الأذكار ذكر الله، وأفضل العلوم معرفة المبدإ، والمعاد، وصفهم الله بقوله:{يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ} للدلالة على أنهم يعملون صالح الأعمال، وبقوله:{يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} للإشارة إلى فضل المعارف الحاصلة في قلوبهم.
وذكر السادس بقوله:{وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} أي: إنهم بعد أن كمَّلُوا أنفسهم علمًا وعملًا كما تقدم يسعون في تكميل غيرهم، إما بإرشادهم إلى ما ينبغي بأمرهم بالمعروف، أو بمنعهم عمَّا لا ينبغي بالنهي عن المنكر.
وفي هذا تعريضٌ باليهود المداهنين الصادين عن سبيل الله.
وذكر السابع بقوله:{وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}؛ أي: يبادرون فيها، ويعملون صالح الأعمال راغبين فيها غير متثاقلين علمًا منهم بجلالة موقعها وحسن عاقبتها، وإنما يتباطأُ الذين في قلوبهم مرضٌ كما وصف الله المنافقين بقوله:{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ} فالمسارعة في الخير ناشئةٌ عن فرط الرغبة فيه؛ لأن من رغب في أمر بادر إليه، وإلى القيام به، وآثر الفور على التراخي، وجاء في الحديث:"اغتنم خمسًا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، وغناك قبل فقرك". وهذه الصفة جماع الفضائل الدينية والخلقية، وفي ذكرها تعريض باليهود