للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويحفظهم من دخول العذاب من أول الأمر {وَلَا نَصِيرًا} ينصرهم ويخلصهم وينقذهم من العذاب بعد دخولها.

والمعنى (١): أي إن الله أبعد الكافرين به من كل خير، وأقصاهم من كل رحمة، وأعد لهم في الآخرة نارًا تتقد وتتسعر ليصليهموها ماكثين فيها أبدًا إلى غير نهاية.

ثم أيأسهم من وجود ما يدفع عنهم العذاب من الولي والنصير بقوله: {لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}؛ أي: لا يجدون حينئذ من يستنقذهم من السعير، وينجيهم من عذاب الله تعالى بشفاعة أو نصرة، كما هي الحال في الدنيا لدى الظلمة؛ إذ ربما وجد النصير والشفيع الذي يخلِّص فيها من الورطات، ويدفع المصائب والنكبات.

٦٦ - وقوله: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} ظرف لقوله: {لَا يَجِدُونَ}، وقيل: لـ {خَالِدِينَ}، وقيل: لـ {نَصِيرًا}، وقيل: لفعل مقدر، وهو: اذكر؛ أي: لا يجدون وليًا ولا نصيرًا حين تصرف وتحول وجوههم في النار من جهة إلى جهة أخرى، كاللحم يشوى في النار، أو يطبخ في القدر، فيدور به الغليان من جهة إلى جهة، ومن حال إلى حال، أو يطرحون فيها منكوسين مقلوبين، وتخصيص الوجوه بالذكر للتعبير عن الكل، وهي الجملة بأشرف الأجزاء وأكرمها، ويقال: تحول وجوههم من الحسن إلى القبح، ومن حال البياض إلى حال السواد.

وقرأ الجمهور (٢): {تُقَلَّبُ} مبنيًا للمفعول. وقرأ الحسن وعيسى وأبو جعفر الرؤاسي بفتح التاء؛ أي: {تتقلب}، وحكاها ابن عطية عن أبي حيوة، وقال ابن خالويه عن أبي حيوة: "نُقلِّب" بالنون {وجوههم} بالنصب، وحكاها ابن عطية أيضًا عن أبي حيوة، وخارجة. زاد صاحب "اللوامح" أنها قراءة عيسى البصري. وقرأ عيسى الكوفي كذلك، إلا أن بدل النون تاء، وفاعل {تقلب} ضمير يعود على {سعير}، أو على جهنم، أسند إليهما اتساعًا، وقراءة ابن أبي عبلة {تتقلب} بتائين.


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.