الخامسة: عدم اشتراء شيء من متاع الدنيا بآيات الله، وهذا أثر لما قبله.
{أُولَئِكَ} الموصوفون بهذه الصفات الحميدة المذكورة {لَهُمْ أَجْرُهُمْ}؛ أي: لهم ثواب أعمالهم، وأجر طاعتهم حالَ كونه مدخرًا لهم {عِنْدَ رَبِّهِمْ} الذي رباهم بنعمه، وهداهم إلى الحق، وإلى الصراط المستقيم {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {سَرِيعُ الْحِسَابِ}؛ أي: سريع لإيصال الأجر الموعود إليهم من غير حاجة إلى تأمل؛ لكونه عالمًا بجميع الأشياء، فيعلم ما لكل واحد من الثواب والعقاب، فهو يحاسب الناسَ جميعَهم في وقت قصير، فيتمثل لهم ما كسبته أيديهم، وانطوت عليه جوانحهم، وهو مكتوب في صحائف أعمالهم، فما أحرانا أن نشبهها بالصور المتحركة الأفلام التي تعرض فيها الحوادث والوقائع في عصرنا الحاضر، وقد ختم الله سبحانه وتعالى هذه السورةَ بوصية للمؤمنين، إذا عملوا بها كانوا أهلًا لاستجابة الدعاء، وأحق بالنصر في الدنيا وحسن المثوبة في الآخرة فقال:
٢٠٠ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا} على (١) شدائد الدنيا وآلامها من مرض، وفقر، وخوف، أو على تكاليف دينكم، وأدائها، وعلى مشقة الاحتراز عن المنهيات {وَصَابِرُوا}؛ أي: تحملوا المكارهَ التي تلحقكم من غيركم، ويدخل في ذلك احتمالُ الأذى من الأهل والجيران، وترك الانتقام ممن يسىء إليكم؛ كما قال تعالى:{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وإيثار غيركم على أنفسكم كما قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} والعفو عمن ظلمكم كما قال تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ودفع شبه المبطلين، وحل شكوكهم، والإجابة عن شبههم.
{وَرَابِطُوا}؛ أي: اربطوا خيلكم في الثغور كما يربط العدو خيله استعدادًا للقتال، كما قال تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} ويدخل في هذا كل ما ولده العلم في هذا العصر من وسائل الدفاع من طائرات، وقاذفات للقنابل، ودبابات، ومدافع رشاشة، وبنادق، وأساطيل بحرية، ونحو