للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يدفعوا عنكم العذاب، وهذا على طريقة التهكم بهم. قرأ الجمهور (١): {شُرَكَائِي} بسكون الياء، وقرأ ابن كثير: بفتحها. {قَالُوا}؛ أي: قال المشركون {آذَنَّاكَ}؛ أي: أخبرناك وأعلمناك {مَا مِنَّا}؛ أي: ليس منا {مِنْ شَهِيدٍ}؛ أي: من أحد يشهد لهم اليوم بالشركة، إذ تبرأنا منهم، لما عاينا الحال، والشهيد من الشهادة، أو ما منا من أحد يشهدهم ويعاينهم، لأنهم ضلوا عنهم حينئذٍ، فهم لا يبصرونهم في ساعة التوبيخ، فالشهيد من الشهود.

والمعنى (٢): أي واذكر أيها الرسول لقومك، يوم ينادي سبحانه عباده المشركين، على رؤوس الأشهاد، تهكمًا بهم، واستهزاء بأمرهم: أين شركائي الذين عبدتموهم معي؟ فيجيبون ويقولون: أعلمناك أنه ليس أحد منا يشهد اليوم، أن معك شريكًا، ونفي الشهادة يراد به التبرؤ منهم؛ لأنّ الكفار يوم القيامة ينكرون عبادة غير الله، كما حكى الله عنهم، أنهم قالوا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}.

والخلاصة: أن قوله: {آذَنَّاكَ} إخبار بإعلام سابق علمه الله من أحوالهم يوم القيامة، وأنهم لم يبقوا على الشرك، وعلى تلك الشهادة، كأنهم يقولون: أنت أعلم به، ثم يأخذون في الجواب.

٤٨ - {وَضَلَّ عَنْهُمْ}؛ أي: غاب عن المشركين {مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ}؛ أي: الآلهة التي كانوا يعبدونها من قبل يوم القيامة، فأخذ بها بطريق غير طريقهم، فلم تنفعهم، ولم تدفع عنهم شيئًا من عذاب الله الذي حل بهم، وظهر عدم نفعهم، فكان حضورهم كغيبتهم {وَظَنُّوا}؛ أي: أيقنوا {مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}؛ أي: من مهرب؛ أي: وأيقنوا حينئذٍ أنه لا ملجأ لهم من عذاب الله تعالى.

والمحيص (٣): المحيد والمعدل والمميل والمهرب، والظن معلق عنه بحرف النفي، والتعليق أن يوقع ما ينوب عن المفعولين جميعًا.


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.