للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الخروج منها بحال من الأحوال.

أي: وإن النار لمطيفة بمن كفر باللهِ، وجحد آياته وكذب رسله، جامعةٌ لهم يوم القيامة، وكفى بها نكالًا ووبالًا. وهذا وعيد لهم على الفتنة التي تردوا فيها، وبيانٌ بأن عقابهم بإحاطة جهنم بهم عقاب على الكفر الذي حملهم على ذلك الاعتذار، وإنما تحيط النار بمن أحاطت بهم خطاياهم، حتى لا رجاء في توبتهم منها، كما قال تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٨١)}.

٥٠ - {إِنْ تُصِبْكَ} يا محمَّد في بعض الغزوات، كيوم بدر {حَسَنَةٌ} من ظفر أو غنيمةٍ أو انقياد بعض ملوك الأطراف {تَسُؤْهُمْ}؛ أي: تحزنهم لشدة عداوتهم لك، والحسنة: كل ما يسر النفس حصوله من غنيمة ونصر ونحوهما؛ أي: إن كل ما يسرك من النصر والغنيمة، كما حدث يوم بدر يورثهم كآبة وحزنًا لفرط حسدهم وشدة عدواتهم، {وَإِنْ تُصِبْكَ} في بعض الغزوات {مُصِيبَةٌ}؛ أي: شدة، وإن صغرت كانكسار جيش وهزيمة كما حدث يوم أحد {يَقُولُوا} معجبين بآرائهم حامدين ما صنعوا {قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا}؛ أي: أخذنا حذرنا وعملنا بالحزم، ولزمنا بالاحتياط حين اعتزلنا عن المسلمين، وتخلفنا عن الخروج معهم للقتال، وجاملنا مع الكفرة {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل هذه المصيبة، ولم نلق بأيدينا إلى الهلاك.

والمعنى: احتطنا لأنفسنا، وأخذنا بالحزم، فلم نخرج إلى القتال كما خرج المؤمنون حتى نالهم من المصيبة {وَيَتَوَلَّوْا}؛ أي: وينصرفوا ويرجعوا إلى أهلهم عن مقامات الاجتماع ومواطن التحدث التي يقولون فيها هذا القول، أو يعرضوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، {وَهُمْ فَرِحُونَ} فرح البطر والشماتة، ومسرورون بما أصابك من المصيبة وبسلامتهم منها.

فإن قلت: لم قابل الله هنا الحسنة بالمصيبة، ولم يقابلها بالسيئة، كما قال: في سورة آل عمران {وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا}؟

قلت: لأنّ الخطاب هنا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي في حقه مصيبة يثاب عليها، لا