شاعرًا لدخلت الشبهة على كثير من الناس، في أن ما جاء به بقوله من عند نفسه؛ لأنه شاعر صناعته نظم الكلام.
{إِنْ هُوَ}؛ أي: ما هذا القرآن {إِلَّا ذِكْرٌ}؛ أي: إلا تذكير، وعظة، وإرشاد من الله سبحانه وتعالى، للإنس والجن. كما قال تعالى:{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ}. {وَقُرْآنٌ}؛ أي: كتاب سماوي، جامع للأحكام {مُبِينٌ}؛ أي: بين كونه كذلك، وأنه ليس من كلام البشر، أو فارق بين الحق والباطل، يقرأ في المحاريب، ويتلى في المعابد، وينال بتلاوته والعمل بما فيه فوز الدارين. فكم بينه وبين ما قالوا. فعطف (١) القرآن على الذكر من عطف الشيء على أحد أوصافه. فإن القرآن ليس مجرد الوعظ، بل هو مشتمل على المواعظ والأحكام ونحوها، فلا تكرار.
٧٠ - {لِيُنْذِرَ}؛ أي: القرآن أو محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما يدل عليه قراءة من قرأ بتاء الخطاب. وهو متعلق بقوله:{وَقُرْآنٌ} أو بمحذوف دل عليه قوله: {إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ}؛ أي: إلا ذكر أنزل لينذر، ويخوف القرآن أو محمد به {مَنْ كانَ حَيًّا} من الثقلين؛ أي: عاقلًا فهيمًا يميز المصلحة من المفسدة، ويستخدم قلبه فيما خلق له، ولا يضيعه فيما لا يعنيه. فإن الغافل بمنزلة الميت. وجعل العقل والفهم للقلب، بمنزلة الحياة للبدن، من حيث إن منافع القلب منوطة بالعقل، كما أن منافع البدن منوطة بالحياة.
وفيه إشارة، إلى أن كل قلب، تكون حياته بنور الله وروح منه، يفيده الإنذار، ويتأثر به. وأمارة تأثره الإعراض عن الدنيا، والإقبال على الآخرة والمولى. وقال بعضهم:{مَنْ كانَ حَيًّا}؛ أي: مؤمنًا في علم الله. فإن الحياة الأبدية بالإيمان، يعني: أن إيمان من كان مؤمنًا في علم الله، بمنزلة الحياة للبدن. لكونه سببًا للحياة الأبدية.
وتخصيص الإنذار بمن كان حي القلب، مع أنه عام له، ولمن كان ميت