للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآية: ما أخرجه الطبراني وأبو يعلى عن أبي جمعة جنيد بن سبع قال: قاتلت النبي - صلى الله عليه وسلم - أوّل النهار كافرًا، وقاتلت معه آخر النهار مسلمًا، وكنّا ثلاثة رجال، وسبع نسوة، وفينا نزل: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ ...}.

قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه الفريابي وعبد بن حميد والبيهقي في "الدلائل" عن مجاهد قال: أري النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو بالحديبية: أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين، محلّقين رؤوسهم ومقصرين، فلمّا نحر الهدي بالحديبية .. قال أصحابه: أين رؤياك يا رسول الله؟ فنزلت: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا ...} الآية.

التفسير وأوجه القراءة

١٨ - {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: وعزتي وجلالي، لقد باعد الله السخط عن المؤمنين بواسطة إيجاد الرضا لهم؛ لأنَّ من معنى {عَنِ} المجاوزة، والمجاوزة لغةً: البعد، واصطلاحًا: بعد الشيء عن المجرور بها بواسطة إيجاد مصدر ذلك العامل، كما هو مقرّر في محلّه، ورضوا عنه.

ومعنى رضا العبد عن ربه (١): أن لا يكره ما يجري به قضاؤه.

ومعنى رضا الله عن العبد: هو أن يراه مؤتمرا لأمره، منتهيًا عن نهيه، وهم الذين ذكر شأن مبايعتهم، وكانوا ألفًا وأربع مئة على الصحيح، وقيل: ألفًا وخمس مئة وخمسة وعشرين؛ أي: (٢) رضي عن المؤمنين الراسخين في الإيمان؛ أي: فعل بهم فعل الراضي بما جعل لهم من الفتح، وما قدر لهم من الثواب، وأفهم ذلك أنه لم يرض عن الكافرين، فخذلهم في الدنيا مع ما أعد لهم في الآخرة، فالآية تقرير لما ذكر من جزاء الفريقين بأمور شاهدة.

{إِذْ يُبَايِعُونَكَ}: ظرف متعلق بـ {رَضِيَ}، وصيغة المضارع؛ لاستحضار صورتها؛ أي: رضي الله عنهم وقت تلك المبايعة، وبهذه الآية سمّيت: بيعة


(١) روح البيان.
(٢) خطيب.